روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

45 - خطبة عيد الأضحى لعام 1437 هـ

صفحة 402 - الجزء 1

  يؤدي الحجاج فريضة الحج، حيث يخرجون من بيوتهم وأوطانهم، تاركين أهليهم وأموالهم، وأولادهم، وأعمالهم، وكل شيء من أمورهم وراء ظهورهم، ابتغاء مرضاة الله رب العالمين، فإذا أدوا فرضهم غفر الله للحجاج ذنوبهم، وعاد الحاج كيوم ولدته أمه، لذلك حق له أن يفرح بعد أداء هذه الفريضة، بهذا العيد العظيم عيد الأضحى المبارك.

  فحقيقة العيد، هو العودة إلى الله تعالى بالتوبة، والرجوع والأوبة، والسلامة من الذنوب والمعاصي، فاليوم الذي لا تعصي الله فيه هو عيد، لأنك تنجو من سخط الله تعالى.

  أيها المؤمنون: إنكم في يوم مبارك ميمون، والمسلمون فيه مجتمعون، في أقطار الأرض، يتعرضون لنفحات رحمة الله، وينتظرون عفو الله، ويطلبون الخير من الله، ويحيون فيها شعيرة من شعائر الله تعالى العظيمة الظاهرة.

  العيد يتضمن معاني سامية جليلة، ومقاصد عظيمة فضيلة، وحِكماً بديعة، فمن معاني العيد في الإسلام إعلان التوحيد لله تعالى بإفراد بالعبادة لله وحده في الدعاء والخوف والرجاء والإستعاذة والإستعانة، والتوكل والرغبة والرهبة، والذبح والنذر لله تبارك وتعالى، وغير ذلك من أنواع العبادة.

  ومن معاني حكم العيد ومنافعه العظيمة: شهود جمع المسلمين لصلاة العيد، ومشاركتهم في بركة الدعاء والخير المتنزل على اجتماعهم المبارك، والإنضواء تحت الرحمة الإلهية التي تغشى المصلين، والبروز والخروج لرب العالمين، إظهاراً لفقر وحاجتهم لمولاهم ø، وتعرضاً لنفحات الله وهباته التي لا تُحد ولا تحصر.

  من معاني العيد وحِكَمه ومنافعه العظمى: التزاور بين الأرحام، والتواصل بين المسلمين، وتقارب القلوب، وارتفاع الوحشة، وانطفاء نار الأحقاد والضغائن والحسد، فالإسلام الذي اجتمع المسلمون في مكان واحد لأداء صلاة العيد من أجله، إذا طبقه المسلمون في حياتهم فهو الذي يجمعهم على الحق، ويؤلف بين قلوبهم على التقوى، فلا شيء يؤلف بين المسلمين سوى الحق؛ لأنه واحد، ولا