الثامن: الخطب المتعلقة بالأعياد
  يفرق بين القلوب إلا الأهواء والشهوات لكثرتها وتعددها وتنافرها، لهذا شرع في العيد أن يتزاور المسلمون والأرحام، لتجسيد معنى المحبة، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: «وَجَبَتْ محبَّتي للمُتَحَابِّينَ فيَّ، والمُتجالِسينَ فيَّ، والمُتزاورينَ فيَّ، والمتباذلينَ فيَّ» وفي حديث آخر «المتحابون في جلالي على منابر من نور يغبطهم عليها النبييون يوم القيامة».
  فلا ينبغي في العيد أيها المؤمنون أن تكون الشحناء والبغضاء، ولا التقاطع والشحناء، ولا التدابر والقطيعة، ففي العيد ينبغي أن نحقق جميعاً معنى قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠].
  وعماد العيد أيها المؤمنون: يتمثل في التعاطف والتراحم والتوادّ والعطاء، والتآخي والبذل والسخاء، فقد روي أن النبي ÷؛ خرج لصلاة العيد، والصبيان يلعبون وفيهم صبي جالس في ناحية يبكي، وعليه ثياب خَلِقَة، فقال له النبي ÷: «أيها الصبي، مالك تبكي ولا تلعبُ مع أترابك»، فقال له الصبي: وهو لا يعرف أنه رسول الله ÷ (خلِّ عني أيها الرجل، فإن أبي مات في غزوة كذا مع النبي ÷، فتزوجت أمي بزوج غيره، فأصابني ما أصابني، فلما رأيت الصبيان يلعبون وعليهم الثياب، تجدد حزني وذكرت مصيبتي، فلذلك بكيت)، فأخذه النبي ÷ من يده وقال له: «أما ترضى أن أكون لك أباً، وعليٌ عماً، والحسن والحسين أخوين»، فقال: كيف لا أرضى يا رسول الله، فحمله رسول الله ÷ إلى منزله، وألبسه أحسن الثياب وزيَّنه، وأطعمه وأرضاه، فخرج مسروراً ضاحكاً يعدو إلى الصبيان فلما رآه رفاقه قالوا له: كنت الآن تبكي، فمالك صرت مسروراً؟.
  فقال: كنت جائعاً فشبعت، وعارياً فاكتسيت، ويتيماً فصار رسول الله ÷ أبي.