روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

46 - خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1438 هـ

صفحة 419 - الجزء 1

  للشيطان عليهم من سبيل، قد ملأت المعرفةُ أفئدتهم، وجَلَت محبة الله غشاوةَ أبصارهم، قد تسلحوا بالعلم، وتزودوا بالتقوى، فأصبح كيدُ الشيطانِ ضعيفاً.

  وما أن ينتهي الحجاج من الرمي حتى يتجهوا إلى نحر الأضاحي والهدي، وكأنهم بتضحيتهم يُعَبِّرون عن ذبح شهواتهم ونحرها، والتضحية بكل غالٍ ورخيص، ونفس ونفيس في سبيل مرضاة رب العالمين، ويحيون بهذه الأضاحي سنةَ أبي الأنبياء إبراهيم #، وفيه يحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت العتيق.

  في هذا اليوم يشترك الحجاج وغيرُ الحجاج في إراقة دماء الهدي والأضاحي تقرباً إلى الله ø، قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٣٦ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ٣٧}⁣[الحج]، فهذا اليوم العظيم وأيام النحر لها سنن وآداب وأعمال، وقد شرعت فيها أحكام:

  فمن سننها وآدابها: لُبسُ الزينة، وإظهارُ نعم الله تعالى، والترفيهُ على النفس والأهل، والتوسعة في النفقة، وصلة الأرحام والأقارب والمؤمنين، وأن لا يأكل شيئاً من طلوع فجره حتى يعود بعد صلاة العيد، وأن يكون أكله من أضحيته، وأن يكثر من الدعاء والتضرع والإبتهال، وهو مع أيام التشريق الثلاثة الآتية بعده أيامُ أُكْلٍ وشُرْبٍ يحرم فيها الصيام، ويسنُّ فيها الترفيه والتوسعة على الأهل والأولاد.

  ومن سننها وآدابها: ما شرعه الله تعالى فيه وحبّب، وحث عليه ورغب، من إراقة دماء الأضاحي، وهي سنة مشروعة، حث عليها النبي ÷، فعن ابن عباسٍ، قال: قام رسول الله فينا خطيباً يوم عرفة فحمد الله وأثنى عليه وذكر ما شاء الله ثم قال: «اشتروا الأضاحي واستعظموها واستسمنوها، ولا تماكسوا في أثمانها، فإنما تخرجونها لله، ولا يذبحن أضاحيكم إلا طاهرٌ، ولا يأكل منها إلا مؤمنٌ،