روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثامن: الخطب المتعلقة بالأعياد

صفحة 422 - الجزء 1

  أيها المؤمنون: إن حُبستم هذا العام عن الحج فارجعوا إلى جهاد النفوس فإنه الجهاد الأكبر، وإن أُحصرتم عن أداء النُسُك فأريقوا على تخلفكم من الدموع ما تيسّر؛ فإن إراقة الدماء لازمة للمُحصر، ولا تحلقوا رؤوسَ دينكم وإيمانكم بالذنوب والخلاف؛ فإنّ الذنوبَ والخلافَ حالقةٌ للدين وليست حالقةً للشعر، وقُومُوا باستشعار الرجاء والخوف مقامَ القيامِ بأرجاء المِشعرِ والخِيف، ومن كان قد بُعد عن حَرَمِ الله فلا يُبَعِّد نفسه عن رحمة الله بالدخول في حُرَمِ الله، ومَن فَاته في هذا العام القيامُ بعرفةَ، فَلْيَقُم للهِ بحقه الذي قد عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبَيِّتْ عزمه على طاعة الله لينالَ الزُّلَفَة، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه وشهوته هُنا، ومن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد، فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد، وإن لم نصل إلى ديار الحجيج فلنصل أعمالنا بأعمالهم، وإن لم نقدر على الوقوف بعرفات فلنستدرك من أعمالنا ما قد فات، وإن لم نصل إلى الحَجَر فلْيَلِنْ مِنَّا كلُّ قلبٍ قاسٍ كالحَجَر، وإن لم نقدر على ليلة جمع ومنى، فلنقم بمأتم الأسف هاهنا، أين المنيبُ المُجدُّ السابق؟ هذا يومُ يُرحمُ فيه الصادق، مَن لم يُنِبْ في هذا اليوم فمتى ينيب، ومن لم يُجب في هذا الوقت فمتى يجيب، ومن لم يتعرف بالتوبة فهو غريب، واأسفا لعبد لم يُغْفَرْ له اليومَ ما جنى، حضر موسمُ الأفراح فما حصّل خيراً ولا اقتنى، ودخل بساتين الفلاح فما مد كفاً وما جنى، ليت شعري من منا خاب ومن منا نال المُنى؟.

  الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، والحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام

  الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً