روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

5 - حول مقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه

صفحة 45 - الجزء 1

  بل أمره أن يجعجع بالحسين حتى يأتيه الأمر من قبله، ثم إن ابن زياد أرسل عُمَرَ بنَ سعد في أربعةِ الآف، ثم أرسل شَمَّرَ بنَ ذي الجوشن في أربعة آلاف، ثم يزيد الكلبي في ألفين، والحصين بن نمير في أربعة آلاف، والمازِني في ثلاثةِ آلاف، ونصراً في ألفين، فكان المجموع خمسة وعشرين ألفاً، كان تمام هذا العدد في السادس من محرم، ثم أرسل ابنُ زيادٍ كعبَ بنَ طلحة في ثلاثة ألاف، وشبث بن ربعي في ألف، وحجارَ بنَ أبجر في ألف، وما زال ابن زياد يرسل العساكر تلو العساكر، والكتائب تلو الكتائب، اليوم بعد اليوم، حتى بلغوا خمسة وثلاثين ألفاً، هؤلاء الذين باشروا الحرب، وحضروا الوقعة، دون من أبقاهم ابن زياد في المصر، وغير الجيوش التي قد أعدها يزيد في الشام للمدد، والحسين في أقل من المائة ما بين فارس وراجل، ورجل وامرأة وصبي، فقد كان في مقابل كل فرد من أصحاب الحسين أربعمائة وعشرون من جيوش الطغاة، فلو لم يرمِ أولئك الطغاةُ الحسينَ وأصحابَه إلا بالحجارة لأفنوهم، فكيف وهم في العدة والسلاح الكامل.

  ولم يكتفوا بهذا حتى أتتهم الأوامر الزيادية بمنع الحسين وأصحابه من الماء كي يموتوا عطشاً، ولم يراعوا طفلاً ولا امرأة ولا مريضاً، فقد خلعوا مع الدين الإنسانية والشيم، وصاروا متجردين منها، منعوا الحسين وأصحابه أن يشربوا من نهر الفرات الذي تشرب منه الوحوش والسباع، والهوام والدواب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  ثم إن الحسين طلب من القوم أن يتركوه كي يرجع إلى المدينة أو مكة أو أي مصر من بلدان الإسلام، فأبوا حتى يضع يده في يد ابن زياد ويزيد للبيعة، فعند ذلك رفض الحسين # أن يسلم للذلة في مقابل أن يعيش، واختار العزة والكرامة، ولو كانت النتيجة أن يموت ومن معه.

  وأخذ الإمام الحسين # يحاجج القوم ويخاطبهم ويعظهم ويذكرهم، فمما قاله لهم: