1 - حول الحكمة من بعض التشريعات والعبادات
  أَحْسَنُ الذِّكْرِ، وَارْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَهُ أَصْدَقُ الْوَعْدِ، وَاقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْهَدْيِ، وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَنِ).
  أيها المؤمنون: العبادات تنقسم إلى قسمين: عبادات تعبدية شعائرية، وعبادات تعاملية:
  فالعبادات التعبدية الشعائرية: كالصلاة والصيام والحج والزكاة، وهي تعبدية، وتتعلق بها مصالح العباد، فالصلاة هي أساس الوازع الديني وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإذا أراد الإنسان أن يعرف مدى الوازع الديني لديه فليختبر نفسه في بعض تصرفاتها، كما روي أن رجلاً أراد أن يختبر راعياً أحيراً، فقال له: أيها الراعي بعني هذه الشاة، وخذ ثمنها، فقال الراعي: إنها ليست لي، فقال الرجل: قل لصاحبها ماتت، أو أكلها الذئب، فقال الراعي: والله إني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت، أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين أفر من مراقبة الله؟.
  فانظروا هذا الراعي وضع النقاط على الحروف وضع يده على جوهر الدين، فكفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى به جهلاً أن يعصي الله.
  والعبادات التعاملية: هي الصدق والأمانة والتواضع والعفة والعدل والإنصاف والرحمة وإنجاز الوعد، والوفاء بالعهد والتعفف عن المال الحرام، كما روي أن جعفر ابن أبي طالب ¥ لما دخل على النجاشي ملك الحبشة، حين هاجر المسلمون إليها فسأله النجاشي عن الدين الذي جاء به نبي الإسلام فقال له: (أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الرحم، ونسيء الجوار، حتى بعث الله فينا رجلاً، نعرف صدقه وأمانته، وعفافه ونسبه، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء)، فمن هذا الكلام يتضح لنا تعريف التعامل الديني وأن الإيمان هو الخُلُق، فمن زاد في الخلق، زاد في الإيمان.