روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

العاشر: الخطب المتعلقة بالعبادات والإخلاص

صفحة 11 - الجزء 2

  فتشريعات الإسلام كلها عدل ورحمة ومصلحة للعباد وحكمة، فكل قضية خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى القسوة، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن الحكمة إلى العبثية، فقد خالفت الشريعة ولو حاولت إدخالها إلى الشريعة بألف تأويل.

  والحقيقة الهامة: هي أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية، لأن الإسلام علم وعمل، نظرية وتطبيق، عبادة ومعاملة، الإسلام كلٌ لا يتجزأ، فبعض أوامره عبادية وبعضها تعاملية، وإذا لم يصح تعاملك مع الخلق وفق منهج الله ø لن تصح عبادتك.

  فلا ينبغي للمسلم أن يختصر الإسلام في صوم وصلاة وحج وزكاة، مع أن بيعه وشراءه غير شرعي، أو أن يكون حسن التعامل مع الناس، كثير الإنبساط ولكنه يقصر في صلاته وزكاته وعبادته، فهذا مخالف لتعاليم الإسلام، فلا بد من جمع حلقات السلسلة الإسلامية كي تتصل ولا تنقطع، كي تتكامل ولا ينفصل بعضها من بعض.

  الصلاة والصيام والحج والإنفاق لا تجدي ولا تنفع، إذا كان الإنسان متلبساً بالمعصية، فقد سأل النبي ÷ أصحابَه فقال: أتدرون مَن المفلس؟ قالوا: (من لا درهم ولا متاع)، فقال ÷ «لا، المفلس من أتى بصلاة وصيام وصدقة، وقد أكل مال هذا، وشتم هذا، وضرب هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته، طرحوا عليه سيئاتهم حتى يطرح في النار»، لأن الله تعالى أمرنا أن نؤدي عبادته وطاعته كما يريد، ولم يكل ذلك إلينا أو إلى إرادتنا، كما ورد في الحديث القدسي: «يا ابن آدم كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، أنت تريد وأنا أريد، فإن سلمت لي بما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد».

  ولكن ما السبب في ضعف العبادة التعاملية حتى ضعفت عندنا العبادات جميعاً؟