العاشر: الخطب المتعلقة بالعبادات والإخلاص
  «إن المؤمن يعطيه المنة والمحنة والمهابة في قلوب المؤمنين فيخافونه بقدر مخافته من الله تعالى»، وقال ÷ «من آثر محبة الله على محبة الناس كفاه الله تعالى مؤنة الناس»، وقال ÷ «من التمس رضى اللهِ تعالى بسخطِ الناس ¥ وأرضى عنه الناسَ، ومن التمس رضا الناسِ بسخطِ الله تعالى سَخِطَ اللهُ عليه وأسخطَ عليه الناسَ»، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى «ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والأرض دونه، فإن سألني لم أُعطه، وإن دعاني لم أُجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض برزقه، فإن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته، وإن استغفرني غفرت له»، وعن رسول الله ÷ أنه قال «إذا أراد أحدكم أنه لا يسال ربه شيئاً إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاءً إلا عند الله تعالى، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلا أعطاه»، وعن النبي ÷ «لا تعادِيَنَّ أحداً حتى تنظر صنيعَه فيما بينه وبين ربه، فإن كان حسن الصنع فإن الله تعالى لا يُسلِمُه إليك بعداوتهِ إياكَ، وإن كان سيءَ الصنعِ فإن خطاياه تكفيه».
  فهذا هو إخلاص التوحيد لله تعالى، فإذا امتلأ قلبُ المؤمن بهذه الأمور كان ناجياً، وعند الله فائزاً، وللرضوان حائزاً، وما أحوجنا إلى هذه الأمور والمعاني في هذا الزمان الذي أصبحت ثقةُ الناس فيه بغير الله تعالى، بل يعتمدون على أهل الوجاهات وأهل الدنيا وأصحاب القوة والغلبة، وأرباب الأموال، وينسون الله تعالى الذي بيده مقادير كل شيء وهو على كل شيء قدير، ولا يعجزه شيء، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، ولما ترك الناس الانقطاع إلى الله تعالى وَكَلَهُم إلى أنفسهم، فساءت أحوالهم، ومعاملاتهم، وفسدت معائشهم، وكثرت همومهم، وقلت طاعاتهم، وأصبح اهتمامهم بالدنيا وجمعها، ونسوا الآخرة والعمل لها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.