روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

العاشر: الخطب المتعلقة بالعبادات والإخلاص

صفحة 32 - الجزء 2

  ومن إخلاص التوحيد: أن لا تثق بنفسك ولا بغيرك طرفة عين، في أمور دينك ودنياك، بل تكون واثقاً بالله تعالى مفوضاً أمرك إليه، متوكلاً في جميع الأحوال عليه، راجياً له تعالى ولخيره وفضله ورَوحه ورحمته وفرجه، فلا تطلب ذلك من غيره، ولا ترجع عند المهمات إلا إليه، ولا تَشْكِ المصيباتِ إلا إليه، ولا ترج الفرج إلا من عنده لا من عند المخلوقين والأصدقاء والأوداء، ولا ترجع عند الكرب والمصيبات إلى الأسباب، ولا تعتمد على ما أولاك الله تعالى من مال أو ولد أو قرابة أو قوة أو غير ذلك، بل يكون رجاؤك الله تعالى ورجوعك إليه، وفزعك إلى روحه ورحمته، وكذلك لا تؤثر خوف المخلوقين على خوفه، ولا رضاهم على رضاه، بل تتبع رضا الله تعالى وتنقاد لأمره، ولا تبالي بملامة اللائمين، ولا بسخط الساخطين، مهما أرضيت رب العالمين، وقمت بما يجب عليك من حقه العظيم.

  فالإخلاص في التوحيد لا يتم إلا بالانقطاع إلى الله تعالى عن كل ما سواه، كما روي عن النبي ÷ أنه قال «لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطيه، وما أخطاه لم يكن ليصيبه»، وعنه ÷ أنه قال لابن عباس «واعلم أن القلم قد جرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلو أن الخلائق كلهم اجتمعوا على أن يضروك أو ينفعوك بأمر لم يقضه الله تعالى لم يقدروا، فاعمل لله بالرضا في اليقين، فإن لم تستطع فعليك بالصبر على ما تكره فإن فيه خيراً كثيراً»، وعنه ÷: «لا يمنعن أحدَكم مهابةُ الناس أن يقومَ بالحقِّ إذا علمه». وقال ÷ «لا تُرْضِيَنَّ أحداً بسخط الله، ولا تَحْمَدَنَّ أحداً على فضل الله، ولا تَذُمَّنَّ أحداً على ما لم يؤتك الله، فإن رزق الله تعالى لا يسوقه إليك حرصُ حريص، ولا يصرفُه عنك كراهةُ كاره».

  وقال ÷ «من أحب أن يكون أقوى الناس فليكن بما في يد الله تعالى أوثقَ منه بما في يده»، وقال ÷ «من خاف الله، خوف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله تعالى خوفه الله تعالى من كل شيء»، وقال ÷