5 - حول مقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه
  جدي، مضرجاً بدمي، فيسألكم عن سبب قتلي) وتارة يملئ كفه دماً ويرمي به نحو السماء ويقول: (يهون ما ألقى أنه بعين الله، اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً)، فغطى الدم وجهه وعينيه.
  ثم ضربه رجلٌ بسهم في نحره، وآخر في صدره حتى مزق قلبه، فلم يستطع حراكاً، ولم يقدر على الدفاع عن نفسه، ثم ضربه آخرُ بالسيف على كتفه حتى سقط على الأرض طريحاً صريعاً، وقد تغطى جسده بالدماء كأنه قد لبس ثوباً أحمر.
  فلما أيسوا من دفاعه، وتيقنوا أنه عاجز عنهم تقدم شمر بن ذي الجوشن وسنان النخعي فلما رآهما الحسن # رفع بصره إليهما، ورمقهما بنظرة شديدة، فرجعا إلى الورى ظناً منهما أنه سيقوم للمقاومة، فقال الحسين للشمر: من أنت؟ فقال: أنا شمر، فرأى الحسين في وجهه ويده برصاً، فقال الحسين: صدق جدي رسول الله ÷ حين أخبرني أن كلباً أبرصَاً يلعق من دمائنا.
  ثم تقدما فاحتزا رأسه من القفا، خوفاً من أن يرمقهما ببصره، ثم تسابق الظالمون إلى سلبه ونزع لباسه حتى عروه وجردوه عن كل شيء، ولم يكتفوا بهذا حتى أوطأوا الخيول ظهره وصدره، ولم يرعوا فيه حرمة نبوية، ولا حقوقاً دينية ولا إنسانية، ثم مالوا على النساء يسلبون ما معهن، ثم ساقوهن كما تساق السبايا إلى الكوفة، ثم منها إلى دمشق الشام، وحصل في ذلك ما هو معلوم في التواريخ والسير، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  ولما قتل الإمام الحسين # حصلت أمور عظيمة، وتغيرات كونية مهيلة، فقد اسودت السماء، وكسفت الشمس، وظهرت الكواكب نهاراً عند العصر، وسقط التراب الأحمر من السماء.
  وبقي الناس زماناً بعد مقتل الحسين والشمس تطلع محمرّة على الحيطان والجدران بالغداة والعشي، وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ وجدوا تحته دماً.