روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

5 - حول حقيقة محبة الله

صفحة 45 - الجزء 2

  يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» اللهُ أكبرُ مَا أعظمَها من ثمرة، فأينَ الراغبونَ؟

  إِذَا أَحَبَّ اللهُ عبداً وقَاه من فتنِ الدنيا وضلَالَاتِهَا وزِبرِجِهَا وزُخرُفِها، كما روي عن النبي ÷ أنه قال «إذَا أَحَبَّ اللهُ عبدَاً حَمَاه الدنيا كَمَا يَظَلُّ أحدُكم يحمي سَقِيمَهُ الماء»، وحمايةُ الله له: هي منعُه من الفتنِ وسلامةُ مخرجِهِ منها، كما أن الإنسان يحمي المريض من تناول الماء وغيره إذا منعه الأطباءُ من ذلك، لأنه يضرُّ بِهِ.

  وإذا أحب الله العبد ابتلاه، زيادة في رفع درجته، فعن أنس عن النبي ÷ قال: «إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سَخِطَ فله السُّخْط».

  وهذا الابتلاء يكون على قدر الإيمان، فلما سئل رسول الله ÷ (أيُّ الناس أشد بلاءً)؟ قال: «الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، يبتلَى الرجل على قدر دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، وليس عليه خطيئة»، ومن فوائد الإبتلاء أن الله يوصله بذلك البلاء إلى درجة عالية في الجنة لم يكن قد وصلها بعمله، فيبتليه الله ليصل إلى تلك الدرجة والمنزلة.

  وإذا أحب الله عبداً ألقى محبته في قلوب المؤمنين من أهل السموات والأرضين، كما روي عن لنبي ÷ أنه قال «إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضَع له القبول في الأرض) وتجد كل الناس يحبونه؛ لأن الله قد أحبه، وأحبته الملائكة قبل أن يحبه أهل الأرض، فيحبه الجميع، أهل السماوات وأهل الأرض.