روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

8 - حول صلاة الجماعة وفضلها

صفحة 72 - الجزء 2

  يستهزؤون ويسخرون بالمسلمين عندما يتعلمون شيئاً من تعاليم الدين التي نظن أنها بسيطة وسهلة، ولكن هي عند الله بالمكان السامي، والخطب الجسيم.

  فهي عندنا حقيرة وعند الله خطيرة، عندنا أنها يسيرة وعند الله كبيرة، عندنا أنها هينة وعند الله هي عظيمة، وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم.

  وتلك الأمور التي أصبحنا نتساهل بها، ولا نطيق سماع الخطب والمواعظ حولها، بل ونتأفف ونتضجر عندما نسمع الكلام فيها، بل ونتصامم ونحاول الإنشغال بما يفوت فهمنا وتعقلنا لتلك المواضيع، بل نحاول أن نشغل غيرنا ونصرفه عن سماع ذلك، ولا نكتفي بأن قد أضعنا أنفسنا، بل نخدم الشيطان في إضلال العباد، فبدلاً من أن نكون أدلة رشد وصلاح، نتحول إلى موانع وشواغل عن تلك الأمور الهامة.

  فمن تلك الأمور والقضايا التي زادت بها غربة الدين في هذا الزمان: التهاون بأمر الصلاة التي هي عمود الدين، وركن الإسلام، والإهمال للجماعات والهجر لبيوت الله تعالى.

  أيها المؤمنون: إن الصلاة شعيرة من شعائر الله الكبرى التي لا تساويها فريضة من الفرائض.

  أي فريضة إسلامية أو واجب ديني ينادى له في اليوم والليلة خمس مرات، هلموا وأقبلوا وأجيبوا إلى الصلاة، التي هي عنوان الفلاح، والتي هي خير الأعمال عند الله، فلا يعدلها عمل، ولا يساويها فعل.

  بل إن جميع الأعمال من صيام وحج وزكاة وجهاد وغيرها تتوقف على الصلاة، فإن كانت الصلاة مقبولة قبلت تلك الأعمال وإلا ردت، فالمتهاون بالصلاة لا يقبل منه صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد ولا غيرها، والمحافظ والحريص عليها والمعظم لها، والمهتم بشأنها تصلح له أعماله الدينية والدنيوية.

  أي الفرائض والشرائع أمر الله تعالى أن تبنى لها البيوت وتعمر لها المساجد لتؤدى فيها وتقام فيها، غير الصلاة.