روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني عشر: الخطب المتعلقة بأمراض القلوب

صفحة 86 - الجزء 2

  وعظه الله، وهو يرى ويسمع الزلازل والكوارث والصواعق ولا يبالي، قال تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦}⁣[التوبة].

  فإن الله تعالى يجعل بعض تلك الحوادث والآيات الكونية للعظة والعبرة، قال تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٤٣}⁣[الأنعام].

  الرابع: من أعراض قسوة القلب: إيثاره الدنيا على الآخرة، فتصبح الدنيا همَّه الأكبر، وشغله الشاغل، وتكون مصالحه الدنيوية ميزاناً في حبه وبغضه وعلاقاته مع الناس، فيحسد ويحقد بسبب الدنيا، ويوالي ويعادي من أجل الدنيا.

  الخامس: يضعف في القلب تعظيمُ الله ، وتنطفئ الغيرة الإيمانية فيه، ويقل فيه نور الإيمان، فهو يرى محارمَ الله تنتهك ولا يغضب، ويرى المنكرات يعملُ بها ولا يحرك ساكناً، ويسمع الموبقات والمحرمات وكأن شيئاً لم يكن ولم يحدث، فإذا وصل القلب إلى هذه الحالة لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، نُكِسَ فَجُعِلَ أعلاه أسفلَه.

  السادس: من أعراض القلب القاسي: الوحشة التي يجدها، وضيق الصدر، والشعور بالقلق والضيق بالناس، ولا يكاد يهنأ بعيش أو يطمئن، فيظل قلقاً متوتراً من كل شيء، يغضب لأتفه الأسباب أو بلا سبب.

  السابع: يتهاون بالمعاصي والذنوب، فيتفنن في ارتكابها، ويجتهد في تحصيلها، ولا يبالي بما يرتكبها منها، بل يستصغر كبيرها، ويستهون عظيمها، حتى تصبح المعاصي عنده شيئاً عادياً، وأمراً مألوفاً، ومع ذلك يمني نفسه بصلاحها، وإذا ارتكب المعاصي تولدت منها أشباهها وأمثالها، وأصبح من الصعب عليه تركُها.

  ومن أعراض هذا المرض الخطير: جمود العين عن البكاء من خشية الله، فهاهي العيونُ جامدةٌ لا تدمع، والقلوبٌ لاهيةٌ لا تخشع، والأبدانُ متواكلةٌ لا تشكر؛ يقرأ الواحد منا صفحات تلو صفحات من كتاب الله، فلا يقف وقفةً تنهمر من عينه دمعةٌ من خشيةً الله، والتفكر والتدبر في بليغ آياته وخطابه، بل قد نرى مشاهد كثيرة تهد