روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

6 - همجية الطغاة وأحداثهم بعد كربلاء

صفحة 54 - الجزء 1

  الثاني: انتدب عمر بن سعد عشرة من الفرسان ليقوموا بوطئ جسد الإمام الحسين وأصحابه بحوافر الخيول، فداسوا البطون والظهور حتى كسروا الأضلاع، وأعطاهم على ذلك جائزة يسيرة، وهذه المثلة بأجساد القتلى لم يسبقهم إليها غيرهم من جبابرة التاريخ.

  الثالث: لم يكتف جلاوزة بني أمية، أعداء الله ورسوله ÷، بعد قتل الإمام الحسين # بسلبه ورضّ جسده الطاهر بحوافر الخيل، بل جاوزوا ذلك فعدوا على المخيم لنهب ما فيه، فقد هجموا وهم على خيولهم بكل وحشية على خيام الإمام الحسين، حتى سحقوا سبعة من الأطفال تحت حوافر الخيل أثناء الهجوم، ولقد كان ذلك الهجوم على العائلة المفجوعة بعيداً عن الرحمة والإنسانية، وتسابقَ القوم إلى نهب بيوت آل الرسول، وهتك ستر حُرم رسول الله ÷ بسلب ما عليهّن من حلي بصورة مفجعة يندى لها جبين كلِّ غيور، حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها، وكانت المرأة تجاذب على إزارها وحجابها حتى تغلب على ذلك، والطغاة يسوقون النساء برماحهم، وينتزعون خروصهن من آذانهن حتى يسيل الدم، وهن يلذن بعضهن ببعض، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة، وهن يصحن «وا جداه! وا أبتاه! وا علياه! وا قلة ناصراه! واحسيناه! أما من مجير يجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنا؟».

  ولم يكن هذا كافياً فلما فرغ القوم من النهب والسلب، أمر عمر بن سعد بإحراق الخيام، فأضرموا الخيم ناراً، ففررن بنات رسول الله من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء، وهن صائحات باكيات، وبعد ذلك الهجوم والإحراق أخذت السيدة زينب تتفقد النساء والأطفال، وتنادي كل واحدة منهن باسمها، وتعدهم واحداً واحداً، وتبحث عمن لا تجده مع النساء والأطفال، بل إنها قامت بعملية فدائية منقطعة النظير، ومغامرة خطيرة، حيث تقحمت النيران ودخلت الخيمة التي كان