روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 55 - الجزء 1

  يتواجد فيها الإمام زين العابدين، وهو عليل لا يستطيع القيام، فأخذته وأخرجته من بين النيران، يا لها من تضحية كبيرة.

  الرابع: لم يكتف الطغاة المستأجرون بتلك الأفعال الشنيعة، فقد ارتكبوا جريمة أخرى من الجرائم الفظيعة التي شهدتها كربلاء، وهذه الجريمة كشفت نقاباً آخر عن خبث سريرة النظام الأموي، فبعد انتهاء معركة الطف صدر أمر عمر بن سعد بقطع الروؤس فقطعت وأقتسمتها القبائل للتقرب من ابن زياد ويزيد، الذي سبق وأن أصدر أوامره بقطع رأس الحسين إلى والي المدينة بأخذ البيعة وإلا قطع رأسه، وقد نفذ هذه الأوامر عمر بن سعد على أرض كربلاء، وفرح وهلل له ابن زياد، فكانت القبائل والعشائر تتنافس في قطع تلك الرؤوس الطاهرة.

  وقد سرّح عمر بن سعد من يومه ذلك وهو يوم عاشوراء برأس الإمام الحسين # مع خَولِي بن يزيد الأصبحي، إلى عبيد الله بن زياد، ثم أمر برؤوس الشهداء الباقين، ما عدا رأس الحر الرياحي الذي منعت عشيرته من قطع رأسه، وسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث، وعمرو بن الحجاج، فأقبلوا حتى قدِموا على ابن زياد.

  الخامس: ليست هذه نهاية الجرائم، ولم تنته الأحداث بعد، والظلم لا زال في بداياته، فبدلاً من مواساة العائلة المفجوعة، التي قد صرع رجالها، وهم مزملون بدمائهم، وأطفالها مذبحون، والأموال قد نهبت، والأزر والأردية والمقانع قد سلبت، والظهور والمتون قد سودتها السياط وكعاب الرماح ضرباً، العائلة التي ليس لهم طعام حتى يقدموه لأنفسهم ولمن تبقى من الأطفال معهم، وقد جف اللبن في صدور المراضع جوعاً وعطشاً خوفاً وهلعاً.

  العائلة الكريمة التي هي أشرف عائلة على وجه الأرض وأطهرها وأتقاها التي باتت وهي لا تملك شيئاً، لا غطاء ولا فراشاً، ولا ضياء، ولا أثاثاً، ولا طعاماً.