9 - قسوة القلوب وعلاجها
  كتاب الله وسنة نبيه محمد ÷ فأنى لهؤلاء الفوز والنجاة وتلك حالهم، وأنى لهم الهدى والاستقامة وتلك طريقتهم، يقول الله سبحانه {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٧٩}[الأعراف].
  الثاني: كثرة الوقوع في المعاصي والمنكرات: فإن المعصية ولو كانت صغيرة تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها، ولا يدرك صاحبها خطرها، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه، حتى لا يبالي بها، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته، ولهذا يقول النبي ÷ «إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا تاب ونزع واستغفر صُقِلَ قلبُه، وإن زاد زادت حتى تعلوَ قلبَه، فذلك الران الذي ذكره الله ø في قوله {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٤}[المطففين]، ذنب وراء ذنب، ومعصية بعد أخرى.
  وقد مثل بعض الصالحين المعصية بالشجرة المؤذية التي تنبت في الأرض المزروعة، فإن سارع في إزالتها، هان عليه ذلك، وإن استصغرها واستهونها، قويت واشتدت، وامتدت عروقها، وغلظ جذعها بمرور الأيام والسنين، حتى تصير شجرة ضخمة لا يقتلعها إلا بتعب وعناء شديد، فكذلك المعاصي في القلب إن سارع التوبة سهل عليه ذلك، وإن تهاون بها تكاثرت وتزايدت وتداعت حتى يصعب الإقلاع عنها.
  قال الإمامُ القاسمُ بنُ إبراهيمَ #: (ما جَمَدَتِ العيونُ إلاَّ من قساوةِ القلوب، وما قست القلوبُ إلاَّ من كثرة الذنوب، وما كَثُرَتِ الذنوبُ إلاَّ بالرضا بالعيوب، وما وقع الرضى إلاَّ بعد الاجتراءِ على علامِ الغيوب، جُمُودُ العين، من وُجُودِ الرَّين.
  الثالث: مصاحبة قرناء السوء، والجلوس في الأماكن الفاسدة: وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيراً على الإنسان في سلوكياته، لأن الإنسانَ سريعُ التأثر بمن حوله، فالشخصُ الذي يعيش في مجتمع أو بيئة مليئة بالمعاصي والمنكرات، ويجالس أناساً أكثر حديثهم عن المحرمات، ويكثرون المزاح والضحك والنكات وسماع الغناء ورؤية