الثاني عشر: الخطب المتعلقة بأمراض القلوب
  المسلسلات الإباحية الماجنة، هذا الشخص لا بد أن يتأثر بأولئك الجلساء، وطبعه يميل إلى طبعهم، فيقسو قلبه، ويعتاد على هذه المنكرات.
  عن المرء لا تسألْ وَسَلْ عن قرينه ... فكلُّ قرينٍ بالمُقارِنِ يَقْتَدِي
  الرابع: من أعظم أسباب القسوة، نسيان الموت وسكراته، والقبر وأهواله، وعذابه ونعيمه، ووضع الموازين، ونشر الدواوين، ونسيان النار وما أعد الله فيها لأصحاب القلوب القاسية، فإن نسيان الموت يجعلك تأمل في حياة ممتدة لا نهاية لها، فتدخل في الدنيا وتنسى الآخرة، لأن حب الدنيا إذا طغى على القلب أضعف إيمانه شيئاً فشيئاً حتى تصبح العبادة ثقيلة مملة، ويجد لذته وسلواه في الدنيا وحطامها حتى ينسى الآخرة بالكلية، ويغفل عن هادم اللذات، ويبدأ عنده طول الأمل، وما اجتمعت هذه البلايا في شخص إلا أهلكته، وإذا مال القلب إلى الدنيا تشعب وتمادى، حتى يبتعد عن الله ø، وعند ذلك تسقط مكانته عند الله، ولا يبالي به الله في أي وادٍ من أودية الدنيا سلك وهلك والعياذ بالله، إن العبد الذي ينسي ربه، ويُقبِلُ على الدنيا، يكون قد عَظَّمَ ما لا يستحق التعظيم وهي الدنيا، واستهان بما يستحق الإجلال والتكريم وهو الله تعالى، فلذلك كانت عاقبته من أسوأ العواقب.
  فهذه أيها المؤمنون، أهم أسباب القسوة، فإذا قد عرفنا أسبابها سهُل علينا علاجها.
  فلنأت إلى أخذ الدواء والعلاج لإزالة القسوة، والأسباب التي تجعل القلب رقيقاً منكسراً خاشعاً لخالقه ø، يُقبل على الله بعد أن كان معرضاً عنه، ويقف عند حدوده بعد أن كان مجترئاً عليها، إنّ رِقَّةَ القلب من أجلِّ النعم وأعظمها، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا وقع في التهديد بالعذاب من الله في قوله {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٢}[الزمر]، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات، مشمراً إلى الطاعات، حريصاً على طاعة الله ومحبته، فمن علاج القسوة، الأمور التالية:
  الأول: الإكثار من ذكر الله وتلاوة كتابه والنظر والتفكر في آيات القرآن الكريم، فما قرأ عبدٌ القرآنَ، وكان عند قراءته حاضرَ القلب، مفكراً متدبراً إلا وَجَدَ عينَه تدمع، وقلبَه يخشع، ونفسَه تزداد إيماناً ويقيناً، وما تلا عبد القرآن حق تلاوته أو استمع إلى آياته