10 - حول الإعراض عن الله تعالى ودينه
  الأول: أن يطمس اللهُ على قلوبهم فلا تعي الذكر، ولا تبصر الحق، ولا تستمع إلى الهدى، فهم يرتكسون في الكفر، وينغمسون في النفاق والاستكبار، ويجادلون بالباطل، وفي هذا يقول الله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ٥٧}[الكهف]، كل ذلك عقوبةٌ من الله تعالى لهم على إعراضهم عنه.
  الثاني: توعد بالإنتقام منهم، كما قال تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ٢٢}[السجدة]، وَانْتِقَامُهُ سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصِيبُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَيَكُونُ فِي الآخِرَةِ بِالعَذَابِ الشَّدِيدِ؛ {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ١٦}[فصلت].
  الثالث: من عقوبة الله تعالى للمعرضين عنه أنه يُعرض عنهم عقوبة لهم، ويكلهم إلى أنفسهم الأمارة بالسوء، فتزين لهم سوء أعمالهم، فيظنونه حسنًا وهو قبيح وسيء، فتزداد ضلالًا وإعراضاً، كما قال تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}[النساء]، ومعنى نوله ما تولى، أي: نتركه وشأنه لعدم الإهتمام به.
  الرابع: من عقوبة المعرضين العاجلة في الدنيا ما يجدونه في صدورهم من الضيق والضنك الذي يجعل عيشهم مرّاً، ولو كانوا في الظاهر منعمين، كما قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ١٢٤}[طه].
  فكم نرى من صدود المعرضين عن التذكير، ونفورهم عن مواعظ القرآن الكريم، وضيق صدورهم حين يٌذَكَّرون بآياته، فلا يطيقون ذلك ولا يتحملونه، ولا يعون ما فيه ولا يفقهونه، ويعترضون عليه بكلام الخلق، ويسارعون الخروج والهروب كي لا يستمعوه.
  فمن أعظم أسباب الهموم والغموم: الإعراض عن الله ø، والإقبال على الدنيا، فَمَا فِي الدنيا أَشْقَى مِنْ المعرض عن الله، وَلَا أَكْسَفُ بَالًا، وَلَا أَنْكَدُ عَيْشاً، وَلَا أَتْعَبُ قَلْباً.