روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني عشر: الخطب المتعلقة بأمراض القلوب

صفحة 106 - الجزء 2

  ومن الكبر: أن يتكبر على شريعة الله وأحكامه، فيعترض على التشريعات الإلهية ولا يقبلها، ويجادل ويخاصم، فتأتيه بالآية والحديث الدالة على خطأه، فيرفض الرجوع إلى الصواب أنفة وتكبراً، وقد يتحجج بالظروف وتغير الزمان وحالاته، كما روي أن النبي ÷ رأى رجلاً يأكل بشماله فقال له: «كل بيمينك» فقال الرجل - تكبراً -: لا أستطيع، فقال له ÷ «لا استطعت» فَشُلَّتْ يَمِينُ الرجل، فهلا انتهى أقوامٌ عن الكبر على شريعة الله من قبل أن تحل بهم عقوبة من العزيز الجبار.

  ومن الكبر: أن يتكبر عن إنصاف خصمه عند طلبه إياه في شيء من الأمور المتنازع عليها في الأمور الدنيوية، فتراه يعرض عن القبول، ويرفض الرد والإجابة، على خصمه، لأنه يراه أقل منه قدراً، أو أصغر منه شأناً، كأن يكون المطالِب صغيراً أو فقيراً أو امرأة، والمطالَب كبيراً أو غنياً أو وجيهاً، فهو يستكبر عن مواجهة خصمه، كما قال الله تعالى {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ٤٧ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ٤٨ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ٤٩ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٥٠ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٥١ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ٥٢}⁣[النور]، فجعل الله ذلك مقياساً للمطيعين من المستكبرين.

  غفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا، فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، أستغفر الله لي ولكم، ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.