13 - حول فضل أهل البيت $ ووجوب اتباعهم
  يقول تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦].
  وقد ابتلى الله تعالى الأمم السابقة بابتلاءات متفاوتة، فمنهم من يتقبل الإبتلاء بكل رضى وتسليم فيكون من الناجين، ومنهم من يرفض ذلك ويعترض على أوامر الله ولا يسلم لها، فيكون من الهالكين.
  فالإبتلاء أَعظمُ التكاليفِ على المكلفين، وسبب هلاك الأمم المستكبرين، فقد زلّت فيه أقدامُ خلقٍ كثيرٍ من العالمين، من الأولين والآخرين.
  فأول ابتلاء وقع هو ما ابتلى اللهُ به ملائكته المقربين بالسجود لآدم، كما قال أمير المؤمنين علي #: (ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ - وَهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ، وَمَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ - {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ٧١ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٧٢ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٧٣ إِلَّا إِبْلِيسَ}[ص: ٧١ - ٧٤] اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ، وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ، فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ، وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ، وَنَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ، وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ، وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ، أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ، وَوَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً، وَأَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً).
  وقد جَرَت عادةُ الله في خلقه، أن يُلْبِسَ مَن تَكَبَّر عن أمره أثوابَ الصَّغَار، وأن يجزي مَن لم يسلم لأمره، أنواعَ الخزي والشنار؛ وكفى خزياً وهواناً لمن يتكبر عن أمر الله أنَّ قدوتَه في ذلك إبليسُ - لعنه الله -، فعدوُّ الله أولُ مَن سَخِطَ أمر الله، وقد عاقبه الله بالهوان والنار، كما قال أمير المؤمنين #: «فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ، وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ، وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ