الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ، كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً، إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ، وَمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ، فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ».
  وابتلى اللهُ قومَ طالوتَ # مع ما هم فيه من التعب والجهد، والعطش الشديد بنهر من الماء حَرَّمَ عليهم الشربَ منه والإغتسال، إلا من أخذ منه غرفة بيده، كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}[البقرة: ٢٤٩] فخسر وهلك في ذلك الإبتلاء والإختبار الشديد أكثر القوم كما قال تعالى {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}[البقرة: ٢٤٩].
  وابتلى قومَ صالحٍ # بالناقة التي كانت تقاسمهم الشرب من ماء البئر، فكان الماء يوماً لها ويوماً لهم، وفي اليوم الذي تشرب ماء البئر تطوف على بيوتهم فيحتلبون منها ما شاؤا، كما قال تعالى {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ٦٤}[هود]، وكما يقول تعالى {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ١٥٥}[الشعراء]، فلم يطيقوا ذلك الإبتلاء ولم يصبروا عليه {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ١٥٧}[الشعراء] {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٨٩}[الشعراء].
  وابتلى الله تعالى هذه الأمة بأهل بيت النبي ÷، وأمر بمحبتهم وموالاتهم، وأوجب اتباعهم، كما قال النبي ÷ «لكل شيء أساس، وأساس الإسلام حبنا أهل البيت»، فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}[التوبة].
  فقد ابتلى الله هذه الأمة بأهل بيت نبيها، كما ابتلى إبليس بآدم أبي البشر، فلا ينْزل عند حكم الله تعالى، ويمتثل أمر الله بالجَنَان والأركان، إلا من امتحن الله قلوبهم للتقوى، من المؤمنين المتقين.