16 - حول انتظار الفرج
  ولكن الغالب على الناس أنهم لا يتذكرون الرجوع إلى الله، ولا يهتمون بالتوبة والدعاء والذكر إلا إذا ألمت بهم الملمات، ودهمتهم المصيبات، كما يقول الله تعالى {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ٤٩}[فصلت]، ويقول تعالى {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ٥١}[فصلت]، ويقول تعالى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٢٢}[يونس]، فالله تعالى هو القادر وحده على كشف ما يصيب الناس، كما قال تعالى {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٦٣ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ٦٤}[الأنعام]، ويقول تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٦٢}[النمل]، وقد روي عن النبي ÷ أنه سئل عن معنى قوله تعالى {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ٢٩}[الرحمن]، فقال ÷ «من شأنه أن يغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين»، وروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ٤٥}[العنكبوت]، أنه قال: له وجهان: أحدهما: أن ذكر الله لكم أكثر من ذكركم إياه، والثاني: أن ذكر الله تعالى لكم أكبر من كل عبادة سواه.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال «إن يونس #، حين بدا له أن يدعو الله ø بالظلمات، حين ناداه وهو في بطن الحوت، فقال: اللهم، «لا إله إلاّ أنتَ، سبحانك إنّي كنت من الظالمين»، فأقبلت الدعوة تحف بالعرش، فقال الملائكة: يا رب هذا صوت ضعيف مكروب، من بلاد غربة.