روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق

صفحة 151 - الجزء 2

  لأموالهم، وأكثرهم لا يخرجونها بطيبة من أنفسهم، وقد أتخذ أكثر الناس طاعة الله تعالى سلعة وبضاعة لهم يستأكلون بها الأموال، ويستحلون بها الحرام، ويتظاهرون بالصلاح.

  ونرى القراء كثيرين، ولكنّ أهل الدراية بالعلم، وأهلَ الفقه والفهم قليلون بل أقل من القليل، ولم تحفظ حرمة حملة القرآن الذين يقرؤونه لله، ويعلمونه من أجل الله، ويقيمون حدوده، ويقفون عند نواهيه وزواجره، ويعملون بأحكامه وأوامره.

  ونرى الحقوق قد أضيعت وأهملت، فحقوق الوالدين لا ترعى ولا تحترم، بل يُفضل الرجل زوجته على أمه، ويطيعها ويعصي أمه، ويحسن إليها ويسيء إلى أمه، ويحترم الرجل صديقه ولا يحترم أباه، ويمتثل أمر صديقه ويرجحه ويعمل به على أمر أبيه.

  وقطعت الأرحام بدون سبب، وفشت العداوات بينهم بالبهتان والكذب، فقطعوا التواصل والزيارة، والسلام وحلو العبارة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  وعطلت المساجد من العبادات، وتركت من الطاعات، وأهملت من الجماعات، واجتمع الناس فيها لأحاديث الدنيا، واستبدلوا اللهو فيها بالطاعة، والفرادى بالجماعة، ورفعت فيها الأصوات بدون الذكر، بل بالدنيا وأحاديثها.

  وأصبح زعيمُ القوم والقائمُ بأمورهم، والمعتني بشؤونهم أرذلَهُم رأياً، وأشدَّهم عسفاً، وأسفههم عقلاً، وأكلت أموال اليتامى ظلماً، وأكل الربا جهراً، وتعامل الناس به بيعاً وشراء، وشربت الخمور باسمها وبغير اسمها، فقد وقع ما أخبره بالنبي ÷، وقد وقعت أيضاً العقوبات الموعودة على العمل بهذه الخصال الذميمة، وهي الخسف والزلازل، التي هي عبارة عن الفتن والمشاكل، وكثرة الفساد والرذائل.

  فالواجب على المسلم أن يجتنب هذه الخصال، وأن يكون منها على أشد الحذر والإبتعاد.

  جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.