19 - الصدق والكذب
  أيها المؤمنون: إن من مساويء الأخلاق أن يكون الإنسان كاذباً في قوله وفعله، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، ولقد أخبر الله تعالى في كتابه أن الكذب من صفات من لا يؤمنون بالله فقال تعالى {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ١٠٥}[النحل]، وقد جعل النبي ÷ الكذب من علامات النفاق حيث فقال «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان» والله سبحانه وتعالى بحكمته وضع الكاذبين في الموضع اللائق بهم، فكانوا محلاً للقدح وعدم الثقة، وذلك جزاء الكاذبين.
  فالصدقُ من أخلاق المؤمنين، وعلاماتِ المتقين، وسيماء الأولياء والصالحين، يتحرون الصدق ولو على رقابهم، ولو كان فيه هلاكهم في الدنيا، ولكن يتيقنون أن فيه نجاتهم في الآخرة، يتبعون النبي الكريم ÷ في قوله «تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة».
  والصدق درجة ومنزلة يحكم العقل والفطرة بحسنها، ووجوب التعامل بها، لأن العقل يقضي بالأمور الحسنة، وينهى عن الأمور السيئة القبيحة، ولقد كان للصدق وأهلِه مرتبةً عاليةً، ومكانةً ساميةً حتى قبل ورود الشرع الشريف بذلك، فقد كان أهل الجاهلية يمدحون الصادق ويحبونه، انظروا في الحبيب المصطفى ÷ فإنه لما امتاز واشتهر في الجاهلية بالصدق لقب بالصادق الأمين، وكان لقباً مميزاً له عند الناس أجمعين.
  وفي نقيض ذلك فإن المؤمن لا يمكن أن يكذب، لأنه يؤمن بآيات الله، يؤمن برسوله، يؤمن بقول النبي ÷ «إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً».