روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

20 - الأمانة

صفحة 174 - الجزء 2

  والأمانة أيضاً صفة الأنبياء $، لأنهم لما كانوا متحملين لأعباء الرسالة والتبليغ فلا بد أن تتوفر فيهم هذه الصفةُ الهامة، فقد وصف الله بها أنبيائه $، وكانوا أيضاً معروفين بها بين قومهم، فهود # يقول لقومه {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}⁣[الأعراف]، ونوح وصالح ولوط وشعيب وموسى $ كل واحد منهم يقول لقومه {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ١٨}⁣[الدخان].

  فشخصية المسلم تتميز بالأمانة لقول الرسول ÷ «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» ولِعِظَم الأمانة وضخامتها وما تشتمل عليه من أحكام الدين الشرعية، فإن ضعاف الشخصيات لا يستطيعون حملها.

  ولأهمية الأمانة فقد جعل النبي ÷ تضييعها من علامات الساعة، في قوله: «إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة، قالوا: وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله، فانتظروا الساعة».

  ولحاجة الناس إليها في دينهم ودنياهم، فإنها أول ما يفقدون من أحوالهم وشؤونهم، كما روي عن النبي ÷ أنه قال «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخرها الصلاة»، وروي عنه أنه قال «يصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن من بني فلان رجل أمين».

  ومكانُ الأمانةِ صدورُ الرجال وأعمالهم تدل عليها، ومنها يتعلم الرجل الوفاء وصفات الخير، كما قال رسول الله ÷ «إن الأمانة نزلت في جذور قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة».

  وقد أمرنا بأداء الأمانة، ولو إلى من يخون، ونُهينَا أن نقابله بالضد، كما يقول النبي ÷ «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك».

  ولقد أصبحنا في هذا الزمان الذي قلت فيه الأمانة بل عدمت، وأصبح أهله من حثالة الحثالة، كما قد أخبر بذلك النبي الكريم ÷ فيما روي عنه