الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  وكان رسول الله ÷ يستعيذ من الخيانة في دعائه ويعلم أصحابه ذلك، فكان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة».
  وليس ضرر الخيانة مقصوراً على الدنيا فقط، بل فضيحة الخائن والغادر يوم القيامة أكبر، وغَدْرَتُهُ أشهر، فعن النبي ÷ أنه قال «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان».
  فاتق الله أخي المسلم اتق الله في نفسك، واتق الله في مجتمعك، واتق الله في دينك، ألم تعلم أن الدين يظهر في أهله، وتبين علاماته على من ينتمي إليه، فإذا كان مظهر الأمة الإسلامية مظهر الكذب والخيانة، والتقليد الأعمى، وأكل مال الغير بغير حق، فأين المظهر الإسلامي، أرأيت إذا ظهر المسلمون بهذا المظهر المشين عند أعدائهم، أليس ذلك سببًا للتنفير عن دين الإسلام، إذا رأوهم على هذه الحال، كذبٍ في المقال، وخيانةٍ في الأمانة، وغدرٍ في العهد، وفجورٍ في الخصومة، أليس أعداء الإسلام يفرحون ويفخرون إذا رأوا أهل الإسلام يقلدونهم في رذائل الأخلاق التي يحذرهم الإسلام منها؟، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  أيها الإخوة: إن من مكارم الأخلاق أن يعامل الرجل الناس بالنصيحة والمعاملة الحسنة، يعاملهم بما يحب أن يعاملوه به، يعاملهم بالصراحة، فلا يخون ولا يغدر، ولا يغش، فالخيانة والغدر والغش أخلاق ذميمة يحذر منها الدين، ويستقبحها كل عقل سليم، وهي من الفساد في الأرض، وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن الله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يصلح عمل المفسدين، وأخبر النبي ÷ بقوله «من غشنا فليس منا»، وقال «ما من عبد يسترعيه الله ø رعية يموت يوم يموت، وهو غاش رعيته، إلا حرم الله عليه الجنة».