21 - حقوق الجار
  جَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَقَدْ قَامَ بِكَ الرَّجُلُ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَكَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، قَالَ: «وَقَدْ رَأَيْتَهُ؟»، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «وَهَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ # مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».
  وعَنْ النَّبِيَّ ÷ قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ! وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ! وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ! «قِيلَ، وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:» الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ».
  وعنه ÷ «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره»، وفي رواية أخرى: «خير الجيران عند الله خيرهم لجاره». فلله! ما أشرفه من فضل! وما أجزله من جزاء!.
  فالجار أيها المسلمون: هو من قرُب مسكنه منك، وسمي في العرف جاراً، وربما كان مسلماً أو كافراً، براً أو فاجراً، نافعاً أو ضارّاً، قريباً أو أجنبياً، وفي كل الأحوال له حق، وقد يكون بعض الجيران آكَد من غيره حقاً، وأعظم شأناً.
  وكان الجار تُرعى حرمتُه، ويؤدى حقُّه، ويغض الطرف عن نسائه، وتحفظ محارمه، بل كان ذلك من شيم الجاهلية ومفاخر أهلها، حتى قالوا:
  وما جارتي إلّا كأمّي وإنّني ... لَأَحْفَظُهَا سِرّاً وأحفظها جَهْرَا
  وأُغْضِي إذا ما جارتي بَرَزَتْ ... حتّى يواريَ جارتي الخدْرُ
  وروي أن مالك بن أنس مرّ على امرأة وهي تنشد شعراً وتقول:
  أنتَ خِلِّي وأنت حرمةُ جاري ... وحقيقٌ عليَّ حفظُ الجوار
  إن للجار إنْ تغيَّبَ عيناً ... حافظاً للمغيب والأسرار
  ما أبالي إنْ كان للباب سترٌ ... مُسْبَلٌ أم بقِي بغير ستار
  فقال مالك: علِّموا أهلكم هذا وأمثاله.
  وإذا نظرنا في هدي الرسول الكريم ÷، كيف كان يتعامل مع الجيران، فقد زار جاره اليهودي حين مرض، وأجاب دعوة الفارسي حين دعاه، هذا مع