23 - في الدعاء وأهميته
  إذا أراد أحدكم أن لا يسال الله شيئاً إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله ø، فإذا علم الله ø ذلك من قلبه، لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه.
  أيها المؤمنون: إن أولياء الله وخاصته من عباده جعلوا الدعاء وسيلة فيما بينهم وبين ربهم، وحلقة وصل بينهم وبين خالقهم، فصغروا كلّ شيء في جنب الله، واستلانوا كل صعب بعون الله، لأنهم يلجأون إلى الله في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، ومن ذكر الله في الرخاء ذكره اللهُ في الشدة، ومن دعا اللهَ في السراء أجابه في الضراء، وكم للأولياء والصالحين من قصص مع الظالمين والمتجبرين تبين أن الله تعالى لا يترك أولياءه في وقت الشدة، فقد روي أن أبا جعفر الدوانيقي أحد خلفاء الدولة العباسية الظالمة حاول أن يقتل الإمام جعفر الصادق عدة مرات، فكان يستدعيه إليه وقد أعد السيف والنطع، وأمر السياف بضرب عنقه فور وصوله إليه، فما هو إلا أن يدخل الإمام الصادق إلى أبي الدوانيق ويحرك الإمام شفتيه بصوت خفي، ومناجاة ودعاء، حتى يتحول الدوانيقي من جبار فاتك، إلى ذليل مستغيث، فمن تلك الحالات أن الدوانيقي قال يوماً لجلسائه: لقد قتل من أولاد فاطمة مائة أو يزيدون، ولم يبق سوى جعفر بن محمد، ولا بد لي أن أقتله، وقد آليت على نفسي أن لا أمسي عشيتي هذه حتى أفرغ منه! ثم دعا بسياف وقال له: إذا أنا أحضرت أبا عبد الله وشغلتُه بالحديث ووضعتُ قلنسوتي، فهو العلامة بيني وبينك، فاضرب عنقه! ثم أمر بإحضار الصادق فأحضر في تلك الساعة، فدخل الصادق وهو يحرك شفتيه بكلام فإذا بالدوانيقي يصاب بحالة من الذهول والرعشة، فقام يمشي بين يدي الصادق كما يمشي العبد بين يدي سيده، وهو حافي القدمين، مكشوفُ الرأس، يحمرُّ تارة ويصفرُّ أخرى، فأخذ بعضد الصادق وأجلسه على سرير ملكه في مكانه، وجثى بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه، ثم قال: ما الذي جاء بك إلينا في هذه الساعة يا ابن رسول الله؟ قال: