روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

25 - في الاستخارة وفضلها

صفحة 215 - الجزء 2

  وإذا تعسر عليك الأمر، أو تصعب عليك طلبه، أو عاقك عنه عائق، أو عرض لك ما يخوفك منه، أو حصل لك منه أدنى تشاؤم، فإن ذلك علامة على أن الله يريد أن يصرف عنك شراً، وأن الله يعلم الخير لك في خلاف ذلك، فاترك ذلك الأمر، واعدل إلى غيره مما هو خير لك عند الله.

  فإنك قد تعزم على أمر وإن كان خيراً لك في الدنيا فقد يكون نقصاً عليك في الدين، والأفضل لك أن تبحث عن ما فيه زيادة الدين وإن نقص عليك في الدنيا، ومع الاستخارة لله ستجد النتائج الطيبة الكريمة.

  فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة اللَّه عليه أنه قال: (ما أبالي إذا استخرت اللَّه على أي جنبي وقعت).

  وقال أمير المؤمنين علي # في وصيته لولده الإمام الحسن # (واخلص في المسألة لربك، فإن بيده العطاء والحرمان، وأكثر الاستخارة).

  أيها المؤمنون: للاستخارة فوائد كثيرة، يعرفها المؤمن في حياته ومعاملاته:

  فمنها: أنها تدل على صدق الرجوع إلى الله والتوكل عليه، وهذه درجة عالية جداً، قلَّ من يصل إليها من المؤمنين.

  ومنها: أنها تجلب للمسلم الأجر والثواب، وتقربه من ربه، لأنها تتضمن التضرع والسؤال والدعاء والذكر لله تعالى، وهذه كلها من أعمال الطاعات التي تزيدك أجراً وذخراً.

  ومنها: أنها تزيل من قلب المؤمن الحيرة والشك في الأمر الذي يريده، أو يعزم عليه، ويحصل له بعدها الطمأنينة وراحة البال وانشراح الصدر، ولا يبالي بما فاته من ذلك الأمر، ولو حصل فيه خير لغيره، لأنه ليس فيه خير له، وإن حصل لغيره، فلا يكون عنده تحسر على ما فاته.