26 - تربية الأبناء
  فيها، فهي تنبت كل زرع ألقي فيها حبه، فهم بحاجة إلى ما يملأ قلوبهم صلاحاً وفلاحاً، وهدى ويقيناً وعلماً ونوراً، ويحتاجون إلى أن نعودهم على الخير وأعمال الطاعات، وإلى أن نحذرهم عن الشر والأعمال الموبقات.
  فأبناؤك أخي المؤمن جواهر نفيسة، ودرر ثمينة تحتاج منك إلى الرعاية وإلى زيادة الحرص عليها والحراسة لها والاهتمام بها، حتى لا تدنسها أيدي العابثين، ولا تختطفها عليك أبصار الحاسدين، وإذا لم ترعَ تلك الجواهر فإنها معرضة لكثير من الأخطار، إما أن تخرج عن ملكك وتصير إلى غيرك، أو تكون الفائدة منها لغيرك لا لك، أو تكون يوماً سبباً في هلاكك ودمارك.
  فأولادنا أوجب الله لهم علينا حقوقاً سنسأل عن تأديتها إليهم، من حسن التربية والتعليم والتقويم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا قام الآباء بحقوق أبناءه، فسيقوم الأبناء بحقوق آبائهم، لأن حقوق الآباء متوقفة على تقديم الوفاء بحقوق الأبناء.
  فإذا كنا نحرص على أبناءنا في الدنيا ونقدم لهم نفقاتهم ومحتاجاتهم، ونرعاهم من البرد والحر والجوع والعطش والعري وجميع عوارض الدنيا وأحوالها، بل ونحرص على أن نُعَوِّدَهُم وأن نعلمهم طبائعنا في أعمالنا الدنيوية، فالتاجر يعلم أولاده التجارة، وكيفية البيع والشراء، ويأخذهم معه إلى متجره، وييلقنهم كيف يتعاملون مع المشترين، والمزارع كذلك، فإذا كنا على هذه الحال فأبناؤنا في أمس الحاجة إلى أن نرعاهم رعاية دينية، وأن نربيهم تربية إسلامية، وأن نعلمهم تعاليم الدين والإسلام.
  واعلم أيها الأبُ الكريمُ أنك بتقصيرك في حقوق أولادك تكون عاقاً كما أن الولد بتقصيره في حقوق والديه يكون عاقاً، كما قال أمير المؤمنين علي # «يلزم الوالدين من العقوق بولدهما ما يلزم الولد بهما من عقوقهما».
  فإنك إذا أحسنت تربية ولدك، وقمت بحاجته على أكمل قيام، وصار ولداً صالحاً، كان ذلك من سعادتك وتمام عيشتك الهنية الطيبة الراضية، كما قال علي # «من