روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

26 - تربية الأبناء

صفحة 222 - الجزء 2

  فأوصاه أولاً بتوحيد الله وحذره من الشرك وأضراره، ثم أوصاه بوالديه وبرهما والإحسان إليهما، وحذره من عصيانهما، وقرن طاعتهما بطاعة الله، ثم بين له كيف يتعامل مع أبويه إذا طلبا منه معصية الله بأن يصاحبهما في الدنيا، وينزلهما منزلة الصاحب الحفي، وأن يتبع سبيل المؤمنين المنيبين إلى الله، ثم أمره بالصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الصبر على احتمال الأذى في سبيل طاعة الله تعالى، وفي سبيل الأمر والنهي لأن سبيلهما صعبة، ثم أوصاه بكيفية التعامل مع الناس، فنهاه عن الكبر والتبختر والخيلاء، وأمره بالتواضع وغض الصوت وحسن التعامل، فهذه طريق نتعلم منها كيف نربي ونعلم ونؤدب أبناءنا، وأن الإسلام قد بين لنا الطريق إلى ذلك ولم يتركها بدون توضيح ولا تبيين.

  ولنقف مع أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي #، ليبين لنا منهجاً سليماً، وطريقاً مستقيماً، في هذا المجال.

  قال #: سألت ربي أولاداً مطيعين لله وجلين منه، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت عيني.

  وقد رسم لنا أمير المؤمنين ~ دستوراً في التربية والوصية للأبناء في وصيته لولده الإمام الحسن #، التي أوصاه فيها بكل خير، ونهاه وحذره عن كل مكروه وشر وضير، ونبهه فيها على كثير من أمور الدنيا والدين، وهي وصية لكل مسلم، لا سيما أولاد أمير المؤمنين ومن ينتسبون إليه في الإتباع والإقتداء.

  فقال # «بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَأَوْرَدْتُ خِصَالًا مِنْهَا، قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي، أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي، أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى، وَفِتَنِ الدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ، وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ ءٍ قَبِلَتْهُ، فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ، قَبْلَ