الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  أخوة عميقة كامنة في النفوس والقلوب، غراسها إخلاص الود، وثمراتها المعاملة الحسنة لأخيك، والذب عنه، أخوة تقتضي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، تحب أن يكون صالحاً، أن يكون عزيزاً، أن يكون غنياً، أن يكون متخلقاً بالأخلاق الفاضلة، كما تحب لنفسك أن تكون كذلك، تسعى في نصحه وإرشاده وتقويمه، سالكاً بذلك أحسن السبل لحصول المقصود كما تحب أن يسعى لك في هذا، تكره لأخيك ما تكره لنفسك، فتكره أن يكون فاسداً، أن يكون ذليلاً، أن يكون متخلقا بالأخلاق السافلة تكره ذلك كله لأخيك كما تكرهه لنفسك لا يكفيك إذا كان أخوك ورأيته على حال لا تحبها لنفسك أن تدعو الله له بإصلاح حاله بل ادع الله له، واستعن بالله على فعل الأسباب التي تنقذه مما تكره، من واجبات هذه الإخوة أن لا تظلمه في دمه، ولا في ماله، ولا في عرضه كما أنك تكره أن تُظلم في هذه الأمور، هل من الأخوة أن تأكل مال أخيك بغير حق؟! هل من الأخوة أن تعتدي على حقوقه؟! هل من الأخوة أن تسبب في قطع رزقه فتبيع على بيعه، وأن تؤجر على إجارته، أو تسوم على سومه، أو تخطب على خطبته هل ذلك من الأخوة؟ هل من الأخوة أن تخدعه؟ أن تغدر به إذا عاهدته، أن تغشه إذا عاملته؟ هل من الأخوة أن تتبع عوراته؟ فتعلنها، وتنظر إلى حسناته بعين العمى فتسترها؟ هل من الأخوة أن تعتدي عليه بالافتراء والباطل؟
  فالأخوة في الله أن يكون كل واحد من المؤمنين في حاجات إخوانه دائماً، يغيث الملهوف، وينصر المظلوم، ويعين العاجز، ويصلح بين المتخاصمين، ويؤلف بين المتعاديين، ويقضي حاجة من لا يستطيع قضاءها، فيطعم الجائع، ويكسو العاري، ويسقي الظمآن، ويدل الأعمى على الطريق، ومن كان في حاجة أخيه - قليلة كانت أو كثيرة - كان الله في حاجته، ومن كان الله في حاجته فلا بد أن تقضي حاجته، وتيسر أموره، كما يقول النبي ÷: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم