الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  الذي فُرضَ عليكم قد وُضِعَ عنكم، فبادروا العمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنه لا يُرجى من رَجعةِ العمر، ما يُرجى من رجعه الرزق.
  ما فات اليومَ من رزقك رُجِيَ غداً زيادتُه، وما فات أمسِ من العمر لم يرجَ اليومَ رجعتُه، الرجاءُ مع الجائي، واليأسُ مع الماضي، فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
  السابع: قد يكون الرزقُ سبباً لكثير من المعاصي كالحسد والحقد والإتهام بالزور والباطل للمرزوق، وغيرها من المعاصي المحبطة، وهذا ناتج عن عدم الرضا بقضاء الله، وعدم التسليم لأمر الله، ولهذا يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «الحسود كافر بنعمتي، سخط لقضائي، غير راض بقسمتي، فليتخذ رباً سواي»، فاعلم أيها الحسود أو الحقود أن الذي رزق المحسود هو الذي منعك، وقد يكون الصلاح لك في دينك أن يقلّ رزقُك، فلا تعترض على الله في قضائه، ولا تنقض عليه حكمته.
  ثامناً: ليس الكسب مقتصراً على التجارة أو البيع والشراء، أو الزراعة، أو نحوها من الأعمال الدنيوية البحتة، كما هو مفهومنا القاصر لمسألة الكسب، بل قد يكون الكسب من نوع آخر، وهو أنفعُ الكسبِ وأنجحُه، وأنماه وأصلحُه، وهو مع ذلك عمل أخروي يوجب لك رضوان الله وثوابَه، وهو من أسباب استنزال الرزق واستزادته، وذلك كالصدقة، وبرّ الوالدين، وصلة الرحم، وقضاء حوائج المحتاجين، وطلب العلم، والمحافظة على الصلوات والجماعات، وغيرها من أنواع الطاعات.
  عن علي #: «أن رجلين كانا شريكين على عهد رسول الله ÷ فكان أحدهما مواظباً على السوق والتجارة، وكان الآخر مواظباً على المسجد والصلاة خلف رسول الله ÷، فلما كان عند قسمة الربح، قال المواظب على السوق: فَضِّلْنِي فإني كنت مواظباً على التجارة وأنت كنت مواظباً على المسجد، فجاءا إلى رسول الله ÷ فذكرا ذلك له، فقال النبي ÷ للذي كان يواظب على السوق: إنما كنت ترزق بمواظبة صاحبك على المسجد».