روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

8 - حول مولد الإمام زيد ونشأته

صفحة 71 - الجزء 1

  يلتفت إليهم، فيوم ولد زيد بن علي @، أتاه البشير عند طلوع الشمس، فاتجه إلى أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ÷ ثم قال: (ما تقولون في هذا المولود، ما نسميه) فقال بعض: حسن، وقال بعض: حسين، وقال بعض: جعفر، قال: فقال علي بن الحسين @: (يا غلام عليَّ بالمصحف) ففتحه وقال: (بسم الله) ثم قام فصلى ركعتين، ثم أخذه ففتحه فخرج في أول سطر {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥}⁣[النساء]، فحمد الله وأثنى عليه، ووضع المصحف، وقام فرجع، ثم أخذه فوضعه في حجره، ثم فتحه، وقال: (بسم الله) فخرج في أول سطر {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ١١١]، فضرب بيدٍ على يدٍ، وقال: (إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون) وقطرت عيناه في المصحف، وقال (هو والله صاحب الكناسة) مرتين، ثم قال: (أما والله ما أجد من ولد الحسين # إلى يوم القيامة، أعظم منه وسيلة، ولا أصحابه آثر عند الله من أصحابه).

  نشأ في بيت زاك رفيع، إنه بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي والتنزيل، في هذا البيت الرفيع، الذي هو مدرسة تقوى وصلاح، نشاء الإمام زيد، ولكنه لم يفتح عينه إلا على نفوس قد أذابها الحزن، وأظناها الألم، ولا يسمع إلا البكاء والعويل، والنادبات من عماته، يندبن سيد الشهداء، ويذكرن ما حل به من فادح الخطب، وفاجع الرزء، ويشاهد أباه، وقد نخر الحزن قلبه، وهو يواصل أوقاته بالبكاء والحزن على أبيه، وقد أنهكت العبادة جسمه، وأنحلت بدنه.

  فأما صفته الخَلْقية: فكان أبيض اللون، أعين، مقرون الحاجبين، تام الخلق، طويل القامة، كث اللحية، عريض الصدر، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلا أنه