32 - حول تحريم الغناء وآلات الملاهي
  وكما أنها في الدنيا آلات تعمل بها، فإنها في الآخرة تكون شاهداً عليك أو لك، كما يقول تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ١٩ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٠}[فصلت] فعند ذلك يكون الندم يوم لا ينفع الندم.
  فلا تظن أيها المسكين الغافل أنك إذا استترت واختفيت عن أعين الناس أنك تستطيع أن تعمل ما تريد بدون رقيب ولا حسيب، وقد نبهنا الله على ذلك في قوله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ٢٢ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣}[فصلت].
  ومن نعم الله علينا تعالى نعمة السمع التي مَنَّ الله علينا بها لنصغي بها ونستمع إلى ما يقال لنا، وما يخاطبنا به الناس، فلولا السمع لافتقدنا شيئاً كبيراً من مقومات حياتنا، كما قال تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ٤٦}[الأنعام].
  أيها المؤمنون: من البلية والمحنة هو أن أنفسنا تتوق وتشتاق إلى استماع الأصوات الحسنة والجميلة، وتميل إلى قبول ما يطربها من الألحان لتتمتع به وتلتذ، وقد تكون تلك الأصوات محرمة ومحظورة، ولا تبالي باستماعها، بل ترجح سماعها، على سماع غيرها، وذلك لأن النفس ميالةٌ إلى السوء وأمّارةٌ به، وتتضجر وتأنف وتمل من الخير والهدى.
  أيها المؤمنون: قد يتساهل الإنسان في استماع ما لا يجوز له الإستماع إليه، إما جهلاً بتحريمه، وإما أن يخلق لنفسه المعاذير التي لا تخلصه ولا تنفعه، بل تورطه وتضره في دينه.
  ومما حرمه الله تعالى وحظره: الاستماع إلى آلاتِ الملاهي، وأصواتِ الغناء، بجميع أنواعها، وكافة أشكالها، لأنها من أعمال الشيطان، ومن أساليب جلبه الناس إليه، فالشيطان يدعو الناس إليه بالملاهي والغناء، كما قال تعالى متوعداً للشيطان وأتباعه بالنار، ومبيناً ومحذراً لنا من طرق خدع الشيطان واستجلابه، فقال تعالى {قَالَ اذْهَبْ