الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا ٦٣ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}[الإسراء: ٦٣ - ٦٤] أي بالغناء والملاهي، فبها يستفز الشيطان أوليائه ويدعوهم إلى طاعته.
  بل قد حكى الله تعالى عن صفات أهل النار قولهم: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥}[المدثر] أي سماع الغناء والملاهي، وحكى الله تعالى عن قوم لوط # أن من الأعمال التي استحقوا بها العذاب اللهو والغناء، كما قال تعالى: {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}[العنكبوت: ٢٩]، ومنكرات قوم لوط كثيرة منها اللهو والغناء.
  وقد كثرت في هذا الزمان أنواع الملاهي، وألحان الغناء، فبعضها كان معروفاً عند المتقدمين الأوائل، كالمزمار والعود وآلات العزف والرقص والدُّفِّ وغيرها، وإن كانت في هذا الزمان قد تطورت، ومنها ما هو لهو محدث في هذه الأزمنة والعصور كالموسيقى والبيانو وغيرها، ومهما اختلفت الأسماء والأنواع فإن حكمها واحد وهو التحريم.
  فكم من آية في القرآن، وحديث صحيح في السنة النبوية تحظر وتحرم استماع الغناء والملاهي، فقد ورد أن سبب نزول قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ٦}[لقمان]، هو البيع والشراء في المغنيات.
  فعن أبي أمامة قال: قال رسول الله ÷ «لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل لله ø عليّ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[لقمان: ٦]»، ويدخل في ذلك الحكم شراء الأشرطة وذواكر الجوالات التي فيها شيء من هذه المحرمات والمحظورات.
  وقد جعل رسول الله ÷ من أسباب بعثته إلى الناس هو كسر آلات الملاهي والمنع منها، فعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ÷ «بُعثت بكسر المعزاف والمزمار»، ثم قال ÷: