روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

33 - حول ستر العورة

صفحة 276 - الجزء 2

  تسبب في هلاك المرء وخسرانه، بل قد أصبح البعض يعتادها ويكثر التلفظ بها، بل قد نسمعها من الرجال والنساء والكبار والصغار، وهي تدل دلالة واضحة على الإنتعاد الكامل عن الله تعالى، ونذكر بعض النماذج من ذلك:

  النموذج الأول: أن يتكلم الرجل أو المرأة بكلام السب الفاحش، واللفظ البذي، كأن يرمي أحداً بالفاحشة، كأن يقول يا زاني، أو يا ابن الزاني، أو يا ابن الزانية، وقد يقول بعض السبابين هذا الكلام عند الغضب لولده أو لأخيه أو لقريبه، وهذا من الكلام الكثير الفاشي بين أكثر الناس.

  وهذا الكلام ضرره كبير، وخطأه فادح خطير، أو ليس يعلم المتلفظ بهذا الكلام ما يترتب عليه من المفاسد والمضار؟ التي تفسد على الإنسان دينه وآخرته، فمن مفاسده وأخطاره:

  الأول: أن القائل والمتلفظ بهذا الكلام سباً وشتماً يعدُّ قاذفاً، أي رامياً لمن نطق بذلك الكلام فيه بأنه زانٍ والعياذ بالله، فهو في هذه الحال إما أن يورد البينة العادلة على ما اتهم به، أو يكون من القاذفين، فيدخل تحت عموم آيات الوعيد للقاذفين للمحصنات والمحصنين، كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٢٣}⁣[النور]، فقد حكم الله عليه في هذه الآية باللعنة في الدنيا والآخرة، وهي الطرد والإبعاد من رحمة الله، وله في الآخرة عذاب عظيم، دائم مقيم.

  ويقول تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤}⁣[النور]، فقد جعل الله عليه في هذه الآية ثلاث عقوبات، عقوبة بدنية، وهي إقامة الحد عليه بأن يجلد ثمانين جلدة، للفرية والقذف، وعقوبة إجتماعية: بأن لا تقبل له شهادةٌ أبداً في أي قضية وأي حكم، وعقوبة دينية، أنه قد صار من الفاسقين، الذين خرجوا عن نطاق المؤمنين، وليس لهم مكان بين المتقين، بسبب قولهم الفاحشة.