الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالمواعظ البليغة (حول الدنيا والموت والقيامة والجنة والنار)
  قال رجل: يا نبيّ اللّه، إني أحبُّ الخيل فهل في الجنة خيل؟ قال: «والذي نفسُ محمد بيده إنَّ فيها خيلاً من ياقوت أحمر عليها سروج الذهب تركبون».
  فقال رجل: يا نبي اللّه، إني رجل يعجبني الإبل فهل في الجنة إبل؟ قال: «نعم والذي نفس محمد بيده إن فيها لنجائب من ياقوت أحمر عليها رحائل الذهب».
  قال رجل: يا نبي اللّه، هل في الجنة صوت حسن فإنه يعجبني الصوت الحسن؟ قال: «نعم والذي نفس محمد بيده إن اللّه سبحانه ليأمر كلَّ شجرة أن تسمعه صوتاً بالتسبيح والتقديس فلا تسمع الآذان صوتاً أحسن منه، وإنّ فيها لَسُوقَاً فيها صُوَرُ الرجال والنساء، يركب أهلُ الجنة إليه، فإذا أعجبَ أحدُهم الصورةَ قال: يا رب اجعل صورتي مثل هذا فيجعل صورته عليها، ثم إذا أعجبه صورة المرأة منهن قال: يا رب اجعل لفلانة - أي لبعض أزواجه - هذه الصورة فيرجع إليها وقد صارت تلك الصورة كما يشتهي، وإنّ أهل الجنة زُوَّارُ الرحمن في كل جمعة، فيكون أقربُهم منه على منابر من ياقوت، ويكون الذين هم على أثرهم على منابر من لؤلؤ، ويكون الذي هم على أثرهم على منابر من فضة، ثم الذين يلون على منابر من مسك، فبينا هم كذلك ينظرون، إذ أقبلت سحابة تغشاهم فتمطر عليهم من النعمة، والبهجة، واللذة، ما لا يعلمه إلا اللّه سبحانه وتعالى، مع أنَّ أكبرَ منه رضوانُه الأكبر، فلولا أن اللّه سبحانه لم يخوفنا إلا ببعض ما خوفنا من الشر، ولم يشوقنا إلا ببعض ما شوقنا إليه من الخير لكنا محقوقين أن يشتدّ خوفنا مما لا طاقة لنا به، ولا صبر لنا عليه، وأن يشتد شوقنا إلى ما لا غنى لنا عنه ولا بد لنا منه، فإن استطعتم أن يشتد خوفكم من ربكم وأن يحسن به ظنكم، فافعلوا فإن العبد إنما يكون حُسْنُ ظنه بربه على قدر خوفه، فإنَّ أحسن الناس ظناً بالله سبحانه أشدُّهم خوفاً له.