9 - شخصية الإمام زين العابدين #
  سنة، وأقام مع أبيه الحسين # في كنف التربية النبوية، والأخلاق العلوية، والشجاعة الهاشمية.
  تلك الشخصية التي هي قدوة في شتى مجالات الحياة، قدوة في الصبر، فهو الجبل الراسي الذي لا تحركه العواصف، قدوة في العبادة، فهو أعبد رجل بعد نبي الإسلام محمد ÷ وبعد جده أمير المؤمنين علي #، قدوة في الخضوع والتذلل لله، يتعلم منه المسلم كيف يخضع لله، ويتذلل بين يدي الله، من خلال الدعاء والإبتهال والتوسل، قدوة في الرحمة والعطف بالضعفاء والمساكين، قدوة في الصراحة وقول الحق، قدوة في شتى مجالات الحياة.
  كيف لا يكون قدوة في الصبر وهو الذي رافق والدَه الحسين # حين خرج من المدينة إلى مكة ثم منها إلى كربلاء، وشاهد مأساة الطف، ولم يتمكن من المشاركة في الحرب لمرض ألمّ به أقعده عن القتال، ولما في بقائه من حفظ نسل النبي ÷، وكان عمره ٢٣ عاماً، ورأى بأم عينيه ما فعله الطغاة بأبيه وإخوته وأبناء عمه وأهل بيته وأصحاب أبيه، فخيّم الحزن في قلبه، وسيطر على جميع أحاسيسه ووجدانه، فهو يتذكر ذلك الموقف وتلك المأساة في الليل والنهار، فتقض عليه مضجعه، وتحرمه منامه، ولا يستسيغ معها طعاماً ولا شراباً، فلم ترقأ له دمعة، ولم ير # ضاحكاً إلى أن مات، إلا يوم جيء إليه برأس ابن زياد.
  ولما سبيت بنات رسول الله يوم كربلاء كان # مع الأسرى والمقيدين، فقيد في يديه ورجليه وعنقه، وسُيِّر مع النساء إلى الكوفة، فلما وصل إلى قصر ابن زياد لم يمنعه صعوبة الموقف، وثقل الحديد، وتسلط الظالمين وقسوتهم، وحرارات الحزن على الشهداء من الشجاعة والصراحة وقول الحق، ثم سُيِّر مع النساء مكبلاً بالحديد إلى الشام إلى يزيد بن معاوية لعنه الله، حيث ألقى الخطاب المشهور الذي أبكى فيه الناس، وبهرت فصاحته وبلاغته وقوة بيانه وعارضته أهل الشام، ثم ردهم يزيد إلى المدينة، وفيها