روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 79 - الجزء 1

  أقام الإمام # متردداً بينها وبين مكة للعمرة والحج، فقد حج عشرين سنة ماشياً على قدميه، ومتردداً بينها وبين كربلاء لزيارة أبيه وإخوته والشهداء.

  كيف لا يكون قدوة في العبادة: وهو الذي كان إذا قام إلى الصلاة اغتسل وتطيب، وكان ربما صلى في اليوم والليلة ألف ركعة، وكان يقوم الليل ويصوم النهار، ويقطع ليله ونهاراً متعبداً متبتلاً إلى الله تعالى، ولكثرة عبادته وصلاته فقد أثر السجود في جبهته وبين عينيه أثراً بَيِّنَاً، حتى كان في مواضع سجوده ثفنات كثفنات البعير، وكان يلقب ذا الثفنات.

  كيف لا يكون قدوة في الرحمة بالضعفاء والمساكين، وهو الذي كان يعول مائة بيت من بيوت المسلمين ولم يعرفوه إلا بعد وفاته حين انقطع عنهم، كان يحمل فوق ظهره الجران في الليل وهو مليء بالطعام والقوت ليعول فقراء المسلمين، حتى أثر في ظهره، وبان في جسده، ورأوه عند موته، وكان يلبس أفخر الثياب، فإذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته على الفقراء، وإذا انقضى الصيف تصدق بملابس الصيف.

  كيف لا يكون قدوة في الدعاء والتبتل: وقد كان كثير البكاء من خشية الله تعالى، وهو صاحب الأدعية المشهورة بالصحيفة السجادية، التي تدل على معرفته الكاملة بربه، وإخلاصه في المعاملة مع سيده ومولاه.

  وفقنا الله وإياكم لما يرضيه، وجنبنا معاصيه، وغفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا، فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.