روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

10 - حول منهجية الإمام زيد في قيامه وجهاده

صفحة 89 - الجزء 1

  المعركة: (عباد الله: لا تقاتلوا عدوكم على الشك فتضلوا عن سبيل الله، ولكن البصيرة البصيرة، ثم القتال، فإن الله يجازي على اليقين أفضل جزاء يجزي به على حق، إنه من قتل نفساً بشك في ضلالتها كمن قتل نفساً بغير حق، عباد الله: البصيرة البصيرة).

  قال أبو الجارود: فقلت له: يا ابن رسول الله: يبذل الرجل نفسه على غير بصيرة؟

  قال: (نعم، إن أكثر من ترى عشقت نفوسهم الدنيا، فالطمع أرداهم إلا القليل الذين لا تخطر على قلوبهم الدنيا، ولا لها يسعون فأولئك مني وأنا منهم).

  فانظروا إلى هذه المنهجية العالية المستوى، التي تدل على ثقة الإمام بمبدئه وأحقيته، وباطل خصمه وضلالته، يالها من منهجية تخالف همجية أرباب الدنيا.

  السادس: كان يتمتع الإمام زيد # بنفس قيادية عالية، وروح جهادية سامية، وصرامة في الحق وصراحة، فالجندي الذي يخالف القائد لا خير فيه، والقائد الذي يخون جنوده لا خير فيه أيضاً، فالإمام زيد لم ينس أصحابه الأوفياء من التعليمات الجهادية، والخطوات القتالية، التي من خلالها يعرفون من الذي ينبغي لهم أن يقتلوه، والذي يتركوه، والمال الذي يأخذوه، فها هو يقف خطيباً مبيناً قائلاً لجيشه وأصحابه: (إذا لقيتم القوم فادعوهم إلى أمركم، فلأن يستجيب لكم رجل واحد خير لكم مما طلعت عليه الشمس من ذهب وفضة، وعليكم بسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # بالبصرة والشام، لا تتبعوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تفتحوا باباً مغلقاً، والله على ما أقول وكيل).

  فإذا تغيرت عند القائد بعض الوجهات والأوامر فلا بد من إبلاغ الجيش، كي لا يبقوا على غرة من أمرهم، كما فعل الإمام # فإنه بعد أن ألقى تلك التعليمات الأولى وبدأت المعركة، سمع الظالمين والطغاة يسبون أمير المؤمنين علياً #، فسرعان ما بلغهم بقوله: (والله لو علمت عملاً هو أرضى لله ø من هذا الذي وضعت يدي فيه لفعلت ولأتيته، ولكن والله لا أعلم عملاً هو أرضى لله من قتال أهل