روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 90 - الجزء 1

  الشام لأفعله، وقد كنت نهيتكم أن لا تتبعوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تفتحوا باباً مغلقاً، وإني سمعتهم يسبون علي بن أبي طالب # فاقتلوهم من كل وجهة).

  السابع: السلبيات والإيجابيات في المعركة محسوبة على القائد ومضافة إليه، وهو الذي يتحمل عاقبة حسنها وقبحها، ولو صدرت من بعض أفراد الجيش لا سيما مع علمه بها، ولما كان في الجنود من قد يظن بأنه يحل له كذا وكذا، أو يريد أن يتوصل بالقتال ليشفي شيئاً في نفسه، أو لينتقم من عدو له، وقد يبلغ ذلك إلى القائم بالأمر فإن كان مما لا يحل ولا يجوز فلابد من أن ينبه على ذلك، حتى لا يضاف إليه شيئاً من سيئاتها، ولينجو عند الله غداً من تبعاتها، فمن قبل وانقاد فقد فاز، ومن رفض وخالف فقد خسر، كما فعل الإمام زيد #:

  فإنه لما قام الإمام زيد #، بلغه أن قوماً من غلاة الشيعة يقولون: نحن نحكم في دماء بني أمية وأموالهم برأينا، وكذلك نفعل برعيتهم.

  فلما بلغه ذلك صعد المنبر في الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي ÷، ثم قال: ( أما بعد: أيها الناس إنه لا يزال يبلغني منكم، أن قائلاً يقول: إن بني أمية فَيْاءٌ لنا، نخوض في دمائهم، ونرتع في أموالهم، ويقبل قولنا فيهم، وتصدق دعوانا عليهم، حكم بلا علم، وعزم بلا روية، جزاء السيئة سيئة مثلها، عجباً لمن نطق بذلك لسانه، وحدثته به نفسه، أبكتاب الله تعالى حكم؟! أم بسنة نبيئه ÷ اتبع؟! أم طمع في ميلي معه، وبسطي يدي في الجور له؟! هيهات هيهات، فاز ذو الحق بما يهوى، وأخطئ الظالم بما تمنى، حق كل ذي حق في يده، وكل ذي دعوى على حجته، وبهذا بعث الله أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، ولم يخطِ المنصف حظه، ولم يُبْقِ الظالم على نفسه، أفلح من رضي بحكم الله، وخاب من أرغم الحق أنفه، العدل أولى بالآخرة ولو كره الجاهلون.