روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

11 - حول غزوة خيبر والدروس منها

صفحة 93 - الجزء 1

  ومن أعظم من كان يكيد للإسلام ورسول الإسلام وأهل الإسلام هم اليهود، فإن رسول الله ÷ لما هاجر إلى المدينة لاقى من اليهود ما لاقاه، من المشاقَّة والأذى، والتحريض والتحريش، والتفريق والإفساد، ولكنه ~ وآله وسلم واجه مكرهم بحسن الرأي والفكر، ورد تدبيرهم عليهم حتى وقعوا في التدمير، وكان ÷ يعلم ضرر مؤامراتهم، يقظاً حذراً مما يمكرون، فبادر بالصلح مع جميع القبائل اليهودية المجاورة للمدينة، كي يأمن مكرهم، ولكنه كان يترقب الفرصة، وينتظر الوقت المناسب للقضاء عليهم، فأمكن الله منهم، وأجهز عليهم في وقعات معلومة، لأنهم تسببوا في نقض الصلح والموادعة، إما من جهة الإستفزاز للمسلمين في حرمهم وأعراضهم، حيث أثاروا حمية الدين، أو من جهة المظاهرة والمعاونة للمشركين ضد المؤمنين، فأبادهم الله وأجلاهم عن المدينة، وطهرها منهم.

  إلا أن هناك منطقة من مناطق تجمع اليهود تمثِّل بؤرة خطرٍ عظيمٍ على المسلمين، لوفرة أهلها وقوتهم، واتساع مناطقهم، وهم يهود خيبر وما والاها، ولم يكن بين رسول الله ÷ وبين يهود خيبر عهد أو صلح، كبقية اليهود.

  وعلى الرغم من أن المسلمين لم يتعرضوا ليهود خيبر بأي سوء، إلا أنهم كانوا على عداء تامٍّ للرسول ÷ وللمسلمين.

  كانت خيبر آخر معاقل اليهود في الحجاز، وكانت مصدرًا للشرور والفتن، ووكرًا لتدبير المكائد والتآمر ضد المسلمين، ومركزاً للاستفزازات والإستنفارات العسكرية، ومأوى للهاربين من اليهود، كبني النضير الذين أجلاهم النبي ÷ عن المدينة فنزحوا إلى خيبر وقلوبهم تغلي حقدًا على المسلمين، فاحتضنهم يهود خيبر.

  وكان ليهود خيبر مواقف سلبية ضد الإسلام، فهم الذين قاموا بتأليب العرب على المسلمين، وتحزيب الأحزاب في غزوة الخندق، وكانوا قد أوقدوا نار الحرب يوم الأحزاب؛ لاستئصال الإسلام من الأرض، وهم الذين جرؤوا بني قريظة على الغدر