روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

11 - حول غزوة خيبر والدروس منها

صفحة 101 - الجزء 1

  الله، فلا يمدون أيديهم إلى أحد من البشر والدولِ، أوالشعوب والأمم، ويعملون بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}⁣[الأنفال: ٦٠]، فيصنعون من شباب المسلمين أسوداً، لا يحبون من الألوان إلا الأحمر الذي ينبعث من رقابِ الأعادي وأجسادهم، هنالك كان النصر حليفهم، والصدق قرينهم.

  أما اليوم فقد استأسد اليهود، وانتكست أوضاع المسلمين رأساً على عقب، لأنهم تنحوا عن الإسلام، وصار الدين منهم بعيداً بعيداً، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فاحتل اليهود بلدان المسلمين، وقتلوا رجالهم وأصدطفالهم ونسائهم، وهدموا بيوتهم، وأخذوا أموالهم، واستغلوا خيراتهم، ويوسعون مملكتَهم رويداً رويداً، حين وثق اليهودُ بما لديهم من قوةٍ، واطمأنوا إلى ما يتميزون به من تفوقٍ، ولم يعد يخيفهم شيء من ناحية المسلمين، فما الذي يخشونه؟ بعد أن أعلن المسلمون عجزهم عن مواصلة التحدي، ووقعوا على معاهدات الإستسلام والإذعان، وأعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

  كيف تخشى إسرائيل واليهود من أناسٍ يتشاغلون ببعضهم، ويتناسون عدوهم الأكبر، بل يستمدون المعونة من عدوهم على بعضهم، فهم لن يحققوا نصراً ولن يبنوا مجداً.

  إن من يظن أن خلافنَا مع اليهود هو حولَ قطعةٍ من الأرض أو نهرٍ من الماء فهو غبيٌ ومغفل من الدرجة الأولى، لا يفقه شيئاً من كتابِ الله، ويعاني من جمود فكري وأميةً فاضحةً في قراءةِ التاريخ وتتبعِ السير والأحداث.

  إن خلافنا مع اليهود خلافٌ عقائديٌ في الدرجة الأولى، ولن يلتقي الخلافان في وسطِ الطريق، ولن تكونَ هناك إيجاد أو مقاربة حلول، أو نقاط التقاء، أو عوامل مشتركة، فالحل الوحيد إما أن يسلَم اليهود، أو أن يتهودَ المسلمون، {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}⁣[البقرة: ١٢٠].

  إن اليهود يريدون كلَّ شيءٍ في مقابلِ لا شيء، يريدون مزيداً من الهيمنة، ومزيداً من السيطرة، ومزيداً من الأراضي، ومزيداً من الانفتاحِ الاقتصادي، وفتحِ الأسواقِ