روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني: الخطب المتعلقة بصفر وبيع الأول

صفحة 107 - الجزء 1

  كان الإمام الهادي موصوفاً من حال صباه بفضل القوة والشدة والبأس، والشجاعة والإقدام، والاشتغال بالعلم، وقد ذاع صيته، وشاع فضله.

  ولما انتشرت فضائله، وظهرت أنواره وشمائله، راسله وكاتبه أبو العتاهية الذي كان والياً على صنعاء وملكاً مشهوراً من ملوك اليمن، وأرسلَ إليه وَفْداً من أهلِ اليمن، يَضُمُّ مشائخَ ووجهاءَ طلبوا منه الخروج معهم إلى اليمن، يسألونه إنقاذهم من الفتن، ويعدونه النصرة والمعونة والتأييد والمواساة بأنفسهم وأموالهم، وأنهم سيكونون معه أنصاراً على إحياء دين الله وسنة رسوله ÷، ومجاهدة أعداء الله وأعداء دينه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فساعدهم إلى ذلك، وخرج الخرجة الأولى سنة (٢٨٠) هـ، وكان عمرُهُ خمساً وثلاثين عاماً، فلما وصل إلى اليمن أظهر أهلُها السرور بمقدمه، واجتمعوا إليه وبايعوه إماماً على كتاب الله وسنة نبيه ÷، يصلح ذات بينهم، ويقيم أحكام الشريعة الإسلامية فيهم، وينقذهم من جراثيم الفتن، وبراثين المحن، فوصل إلى بلاد نهم قريباً من صنعاء، فأقام بين أظهرهم أشهراً، آمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، عاملاً بكتاب الله وسنة نبيه ÷، فوجدهم عن الحق نافرين، وعن قبوله متثاقلين، وإلى الباطل مائلين، وللهوى متابعين، ثم بلغه أنّ أفراداً من الجند الذين معه تعدوا على أموال الناس ومواشيهم وزروعهم، وعاثوا في الأرض فساداً، وعندما أراد تأديبهم؛ تعصب لهم مشائخُهم، وبلغه أيضاً أن قائداً من القواد الذين كانوا عند أبي العتاهية، شرب خمراً، وشَهِدَ الشهودُ عليه بذلك، فبعث إليه من يُقدِمُ به، ليقيمَ حدَّ الله عليه فامتنع، فركب إليه الإمامُ # بأصحابه إلى حيث كان الرجل، فامتنع عليه فغضب الإمام الهادي وقال: والله لا أكون كالمصباح يضيء لغيره ويحرق نفسه.