روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

التاسع: الخطب المتعلقة بشهر الحجة

صفحة 374 - الجزء 1

  ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، إلى قوله: ثم تكلم النبي ÷ فقال: (يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟

  قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت: - وإني لأحدثهم سناً، وأرمضهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً -: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه.

  فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

  فقد قطع النبي ÷ أطماع القرابة القريبة، حتى لا يجعلوها ميراثاً أو بالأكبر سناً أو نحو ذلك.

  بل في مواقف كثيرة، وأحوال متعددة، ومقامات متنوعة، بعضها جماعية، وبعضها نصائح ووصايا فردية، ينبه النبي ÷ على أن علياً خليفته ووصيته، إما بلفظ الخليفة أو الوصي أو الإمامة أو الأمير أو الولي وغيرها، ونذكر بعضاً من ذلك:

  فمنها: عن سلمان الفارسي أنه أتى رسول الله ÷ فقال: يا نبي الله بأبي وأمي عمن نأخذ بعدك وبمن نتق قال: فسكت، ثم سأله من الغد فسكت، ثم سأله اليوم الثالث فسكت عني عشراً ثم قال: «يا أبا عبدالله ألا أحدثك عما سألتني عنه».

  فقلت: بلى بأبي وأمي حدثني لقد خشيت أن يكون قد وَجِدْت عليَّ.

  فقال: «يا أبا عبدالله إن أخي ووارثي وخليفتي وخير من أترك بعدي علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي».

  ومنها: عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ÷: «هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى