روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني عشر: الخطب المتعلقة بأمراض القلوب

صفحة 101 - الجزء 2

  عنهم بأنهم رجس، فما يفوهون به من النفاق هو رجس وقذر تقذف به أفواههم، فينبغي للمؤمن أن يتنزه عنه، ويتباعد عن مواطنه، لئلا يتنجس بقذر قولهم، لأن المنافقين يظهرون النصح للمؤمنين، لكنهم في الحقيقة خدام لأعدائهم؛ ولذا وجب الإعراض عن قولهم، وعدم أخذ نصيحتهم، ولا اتخاذهم بطانة؛ لأنهم أهل غش وخيانة، فإذا أعرض المؤمنون عنهم، وتوكلوا على الله تعالى لم يضرهم المنافقون شيئاً مهما بلغ كيدهم، وعظم مكرهم، كما قال تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ٨١}⁣[النساء].

  فإذا خاض المعرضون عن الله تعالى في شريعته الغراء بالسخرية منها، أو من أحكامها، أو حملتها ودعاتها، أو حاولوا تأويلها أو تبديلها أو ردها؛ وجب على أهل الإيمان الإعراض عنهم، ومجانبة مجالسهم، ومفارقة تجمعاتهم؛ لئلا يهان دين الله تعالى وهم حضور فتحل السخطة عليهم، كما قال تعالى {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٦٨}⁣[الأنعام]، فأمر الله تعالى بالإعراض عمن يخوضون في آيات الله تعالى.

  وأكد الله تعالى هذا الأمر في آية أخرى مذكراً بهذه الآية: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ١٤٠}⁣[النساء]، فجعل سبحانه من حضر تلك المجالس التي يسخر فيها بدينه، ويخاض في آياته مثل الساخر سواء بسواء: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ١٤٠}⁣[النساء]، وسواء كان الخوض في آيات الله تعالى، والسخرية بدينه في مجلة أو صحيفة أو كتاب فإنه يجب على المؤمن عدم اقتنائها، ولا مطالعتها، بل