الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  كما قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[العنكبوت: ٤٩]، وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣}[العنكبوت].
  وقد رغب الله تعالى على لسان نبيه ÷ في هذه المرتبة العالية، والمنقبة السامية، في أحاديث كثيرة، نذكر منها بعضاً لعلها تكون دافعة لنا إلى الإهتمام بهذه التجارة الرابحة، التي أصبحت أسواقُها في هذا الزمان كاسدة، وأحوالها عند أكثر الناس فاسدة، بل أصبح الناس يهتمون بأشياء لا تصلح إلا بالعلم، دون أن يهتموا بالأصل الذي هو العلم، ولقد راج الجهل عند الناس، وأصبح مألوفاً معتاداً عندهم وهو لا يشعرون، فرغم تطور الثقافات، وتنوع المعلومات، وتفاووت الحضارات، إلا أن الجهل الديني لا زال يسيطر على مشاعرنا، وتظهر ملامحه وعلاماته في جميع حالاتنا، وإن كنا نتظاهر بخلاف ذلك، فكم من صاحب منظر حسن، وصاحب سمت رائق، وصاحب لسان منطيق، ولكن هو كالبيضة الفاسدة، ظاهرها أبيض، وباطنها منتن، لو سألته عن أبسط مسائل الدين وأسهلها، في عباداته اليومية التي يتعبد اللهَ بها، أو في معاملاته اليومية التي يتعامل بين الناس بها، لوجدته عارياً عن لباس العلم، وإن تردى بلباس الزينة، خالياً عن ثقافة الدين، وإن امتلأ بثقافة العصر، بعيداً عن مجال الكتاب والسنة وقوانينها، وإن اقترب من القوانين العصرية وأحسن حفظها، وهذا أمر صعب وخطير على كافة المسلمين، حيث يهتمون بالأدنى، ويتركون الأهم الأعلى، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولنستمع إلى بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل العلم، والحث على التزود منه:
  فعن أبي ذر ¥ أنه قال: بابٌ من العلم نتعلَّمُه أحبُّ إلينا من ألفِ ركعةٍ تطوعاً، وقال سمعنا رسول الله ÷ يقول: «إذا جاء الموتُ طالبَ العلم وهو على هذه الحال مات شهيداً».