الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  والدعاء والاستغفار، والتنحي والبعد عن دواعي الذنوب والأوزار، ومراقبة الله في الإعلان والإسرار، حتى يذوق حلاوة الرجوع، وتسيل قسوة القلب بالخوف والجزع والخشوع، ويظهر لله التذلل والإنابة والخضوع، ويقمع داعي الشهوة فيرفض بها الولوع.
  والإنسان - أيها الأحبة المؤمنون - مُعَرَّضٌ في كل يوم لزيادة الذنوب، وتراكم العيوب، كيف لا، وأعداؤه يحيطون به من كل جانب، فالشيطان يوقعه في العظائم، والهوى يجعله يرتطم في شباك المصائب، والنفس الأمارة بالسوء تسول له وتسهل عليه تلك المطالب، وقرناء السوء يعينونه على المعاصي، فلا بد أن نجعل لنا ما يكون للذنوب مكفراً، وللخطايا غافراً.
  ومن رحمة الله بنا، وتفضله علينا، فقد هيء لنا أسباباً، وفتح لنا أبواباً، إذا أخذنا بتلك الأسباب، ودخلنا تلك الأبواب، كفر عن الذنوب والسيئات، ومحى عنا الأوزار والخطيئات، وأقال لنا العثرة، فإليك أخي المؤمن الحريص على نفسه بعض مكفرات الذنوب، التي تمحو الأدران، وتنفع الإنسان، وتقربه إلى الرحمن:
  فأول المكفرات: هو التوبة: وهي أعظم طاعة يقدمها العبد أمام ذنوبه، وأقوى ماسح يمسح بها غشوات عيوبه، والتوبة هي مبدأ طريق السالكين، ورأس مال الفائزين، وأول أقدام المريدين، ومفتاح استقامة المائلين، ومطلع الاصطفاء والاجتباء للمقربين.
  فعن أنس بن مالك، قال، قيل: يا رسول اللّه، الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب، قال: «ما من آدمي إلا وله خطايا وذنوب يقترفها، فمن كانت سجيّته العقل، وغريزته اليقين، لم تضره ذنوبه» قيل: وكيف ذاك يا رسول اللّه؟ قال: «لأنَّه كلما أخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبة، وندامة على ما كان منه، فيمحو ذلك ذنوبه، ويبقى له فضل يدخل به الجنة».
  وعن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده #، قال: قال رسول اللّه ÷ لعلي #: «يا علي ما من دار فيها فرحة إلا تبعتها