روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق

صفحة 212 - الجزء 2

  فقد روي عن أمير المؤمنين علي # عن النبي ÷ أنه كان يعلم أصحابه الاستخارة، كما يعلمهم السورة من القرآن.

  وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كان رسول الله ÷ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن.

  فانظروا أيها الأحبة المؤمنون: كيف كان النبي ÷ يهتم بتعليم أصحابه أمر الاستخارة، وإرشادهم إليها، وحثهم عليها، في كل أمورهم، صغيرها وكبيرها، بل ويشدد على تعليمهم ذلك كما يعلمهم السورة من القرآن، حتى يحفظوها، ولا يتهاونوا بأمرها.

  أيها المؤمنون: إن الاستخارة تدل على تعلق قلب المؤمن بالله، وتوكله على الله في جميع أحواله، فالمؤمن ينظر إلى قوله تعالى {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ٥١}⁣[التوبة]، وإلى قوله تعالى {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ٤٨}⁣[الأحزاب]، وإلى قوله تعالى {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٢٣}⁣[المائدة]، ينظر إلى هذه الآيات وغيرها من آيات القرآن الكريم، فيرتاح باله، وتطمئن نفسه، ويتيقن أن الله لن يضيعه، ولن يهمله، ولن يتركه في متناول الأهواء والتخبطات، ولكن على المؤمن أن يؤكد ذلك التوكل، ويبرهن على ذلك التفويض، بالإلتجاء إلى الله، والإعتماد عليه، وطلب المعونة منه على أموره، فأنت أيها المسكين لا تعلم ماذا يحصل لك بعد ثانية من وقتك، فضلاً عن ساعة أو يوم، بل لا تعلم ما يحصل لك أو عليك خلال طرفة عين.

  ما بين طرفة عين أو تقلبها ... يغير الله من حال إلى حال

  فالسعيد هو من يستخير ربه، والشقي هو من يعتمد على دهائه وحذقه ومعرفته، كما روي عن النبي اللَّه ÷ أنه قال: «مِنْ سعادة المرء كثرةُ الاستخارة، ومن شقاوته تركُ الاستخارة».